للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قلت (١): وكأن ابن العربي أخذ بظاهر الحديث؛ لأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يذكِّر الذي عطس، فلم يحمد، لكن يحتمل أنه لم يكن مسلمًا، فلعل تَرْك ذلك لذلك، لكن يَحتمل أن يكون كما أشار إليه ابن بطال أراد تأديبه على ترك الحمد بترك تشميته، ثم عرّفه الحكم، وأن الذي يترك الحمد لا يستحق التشميت، وهذا الذي فهمه أبو موسى الأشعريّ - رضي الله عنه -، ففعل بعد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مثل ما فعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - شمّت من حمد، ولم يشمّت من لم يحمد. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي فعله أبو موسى - رضي الله عنه - الموافق لفعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، هو الذي يظهر لي، فلا ينبغي تذكيره، بل إن حمد يُشمّت، وإلا يُسكَت، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي موسى الأشعريّ - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف رَحِمَهُ اللهُ.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١١/ ٧٤٥٧] (٢٩٩٢)، و (البخاريّ) في "الأدب المفرد" (٩٤١)، و (أحمد) في "مسنده" (٤/ ٤١٢)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (٥/ ٢٦٨)، و (البيهقيّ) في "شعب الإيمان" (٧/ ٢٥)، و (الطبرانيّ) في "الدعاء" (١/ ٥٥٥)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان مشروعيّة الحمد للعاطس، وتشميته إذا عطس.

٢ - (ومنها): أنه إذا لم يحمد لا يستحقّ التشميت.

٣ - (ومنها): أن تشميت العاطس واجب على القول الراجح؛ لوروده بصيغة الأمر، قال ابن دقيق العيد رَحِمَهُ اللهُ: ظاهر الأمر الوجوب، ويؤيده قوله في حديث أبي هريرة: "فحقّ على كل مسلم سمعه أن يشمته"، وفي حديث أبي هريرة الآخر: "حق المسلم على المسلم ست … " فذكر فيها: "وإذا عطس


(١) القائل هو الحافظ.
(٢) "الفتح" ١٤/ ١٢٣ - ١٢٤.