الثازية، بل يقال: الرجل مزكوم، لكن الصحيح أنه يشمّت إلى الثالثة، قال في "الفتح": ويستفاد من الحديث مشروعية تشميت العاطس ما لم يزد على ثلاث، إذا حمد الله، سواء تتابع عطاسه، أم لا، فلو تتابع، ولم يحمد لغلبة العطاس عليه، ثم كرر الحمد بعدد العطاس، فهل يشمَّت بعدد الحمد؟ فيه نظر، وظاهر الخبر نعم.
وقد أخرج أبو يعلى، وابن السنيّ من وجه آخر عن أبي هريرة النهي عن التشميت بعد ثلاث، ولفظه:"إذا عطس أحدكم فليشمته جليسه، فإن زاد على ثلاث، فهو مزكوم، ولا يشمته بعد ثلاث".
قال النوويّ: فيه رجل لم أتحقق حاله، وباقي إسناده صحيح.
قال الحافظ: الرجل المذكور هو سليمان بن أبي داود الحرانيّ، والحديث عندهما من رواية محمد بن سليمان، عن أبيه، ومحمد موثق، وأبوه يقال له: الحرانيّ ضعيف، قال فيه النسائيّ: ليس بثقة، ولا مأمون.
قال النوويّ: وأما الذي رويناه في "سنن أبي داود"، والترمذيّ عن عبيد بن رفاعة الصحابيّ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يشمت العاطس ثلاثًا، فإن زاد فإن شئت فشمته، وإن شئت فلا" فهو حديث ضعيف، قال فيه الترمذيّ: هذا حديث غريب، وإسناده مجهول.
قال الحافظ: إطلاقه عليه الضعف ليس بجيد؛ إذ لا يلزم من الغرابة الضعف، وأما وصف الترمذي إسناده بكونه مجهولًا، فلم يُرِدْ جميع رجال الإسناد، فإن معظمهم موثقون، وإنما وقع في روايته تغيير اسم بعض رواته، وإبهام اثنين منهم، وذلك أن أبا داود، والترمذيّ أخرجاه معًا من طريق عبد السلام بن حرب، عن يزيد بن عبد الرحمن، ثم اختلفا فأما رواية أبي داود ففيها عن يحيى بن إسحاق بن أبي طلحة، عن أمه حُميدة، أو عبيدة بنت عبيد بن رفاعة، عن أبيها، وهذا إسناد حسن، والحديث مع ذلك مرسل، كما سأبيّنه، وعبد السلام بن حرب من رجال الصحيح، ويزيد هو أبو خالد الدالاني، وهو صدوق، في حفظه شيء، ويحيى بن إسحاق وثقه يحيى بن معين، وأمه حميدة روى عنها أيضًا زوجها إسحاق بن أبي طلحة، وذكرها ابن حبان في ثقات التابعين، وأبوها عبيد بن رفاعة ذكروه في الصحابة؛ لكونه وُلد