للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحركة، وسقطت الهمزة، وهي عين، فوزنه مَفَلٌ، وقيل فيه غير ذلك. انتهى (١).

(مِنْ نُورٍ)، أي: من جواهر مضيئة منيرة، فكانوا خيرًا محضًا (٢).

قال الحافظ وليّ الدين رَحِمَهُ اللهُ: النور: جسم لطيف، مشرق، وفسَّره صاحب "الصحاح" بالضياء، وذكر بعضهم أن الضياء أبلغ منه، بدليل قوله تعالى: {جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا} [يونس: ٥]، وأما قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: ٣٥] حيث شبّه هداه بالنور، ولم يشبّهه بالضياء، فأجيب عنه بأنه لو شُبِّه بالضياء لزم أن لا يضل أحد، بخلاف النور، كضوء القمر، فإنه يقع معه الضلال لمن أراد الله تعالى ذلك منه، ويُطلق النور أيضًا على جميع النار، وليس مرادًا هنا، ولم ينحصر النور في ضوء النار، فالملائكة خلقوا من ضوء، لا من نار، والله أعلم بنوع ذلك الضوء، ولو كان من ضوء نار لم يلزم عليه محذور، فالمخلوق من ضوء النار غير مخلوق من النار. انتهى (٣).

(وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارجٍ مِنْ نَارٍ) (٤)؛ أي: من نار مختلطة بهواء مشتعل، والمرج: الاختلاط، فهو من عنصرين هواء ونار، كما أن آدم من عنصرين تراب وماء عُجن به، فحدث له اسم الطين، كما حَدَث للجن اسم المارج (٥).

وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: "من مارج من نار": أي: من شواظّ ذي لهب، واتّقاد، ودخان، فكانوا شرًّا محضًا، والخير فيهم قليل (٦).

(وَخُلِقَ آدَمُ) عليه السلام (مِمَّا وُصِفَ) بالبناء للمفعول، (لَكُمْ")؛ أي: من تراب ضيِّر طينًا، ثم فَخارًا، كما أخبرنا به تعالى في غير موضع من كتابه، والفخار: الطين اليابس، وفي الخبر: "إن الله تعالى لمّا خلق آدم أمر من قبض قبضة من جميع أجزاء تراب الأرض، فأخذ من حَزْنها، وسهلها، وأحمرها، وأسودها، فجاء ولد كذلك"، قاله القرطبيّ (٧).

وقال المناويّ رَحِمَهُ اللهُ: "وخُلق آدم مما وُصف لكم" ببناء "وُصف"


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٨ - ١٩.
(٢) "المفهم" ٧/ ٣١٥.
(٣) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٨/ ٢٦٦.
(٤) وفي نسخة: "وخلق الجانّ من نار".
(٥) "فيض القدير" ٣/ ٤٥٠.
(٦) "المفهم" ٧/ ٣١٥.
(٧) "المفهم" ٧/ ٣١٥.