للمفعول، أي: مما وصفه الله تعالى لكم في مواضع من كتابه، ففي بعضها أنه خلقه من ماء، وفي بعضها من تراب، وفي بعضها من المركَّب منهما، وهو الطين، وفي بعضها من صلصال، وهو طين ضربته الشمس والريح، حتى صار كالفخار.
قال الغزاليّ: قد اجتمع في الفخار النار والطين، والطين طبعه السكون، والنار طبعها الحركة، فلا يتصور نار مشعلة تسكن، بل لا تزال تتحرك بطبعها، وقد كُلِّف المخلوق من النار أن يطمئن من حركته ساجدًا لِمَا خُلق من طين، فأبى، واستكبر أن يسجد لآدم، فلا مطمع في سجوده لأولاده، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا من أفراد المصنّف رَحِمَهُ اللهُ.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١٢/ ٧٤٦٤](٢٩٩٦)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه"(١١/ ٤٢٥)، و (أحمد) في "مسنده"(٦/ ١٥٣ و ١٦٨)، و (ابن راهويه) في "مسنده"(٢/ ٢٧٧ و ٢٧٨)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٦١٥٥)، و (عبد بن حميد) في "مسنده"(١٤٧٩)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٩/ ٣) في "الأسماء والصفات"(ص ٣٨٥ - ٣٨٦)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): قال بعضهم: إنما قال: "مما وُصف لكم" ولم يقل كما قال فيما قبله؛ طلبًا للاختصار، فإنه أوتي جوامع الكلم، وهذا منها، إذ الملائكة لم يَختلف أصل خلقتها، ولا الجانّ، وأما الإنسان فاختلف خلقه على أربعة أنواع، فخَلْق آدم لا يشبه خلق حواء، وخَلْق حواء لا يشبه خلق آدم، وخلق عيسى لا يشبه خلق الكل، فأحال على ما وصل إلينا من تفصيل خلق الإنسان، ولمّا كان خلق الجانّ من نار كان فيه طلب القهر، والاستكبار، فإن المار أرفع الأركان مكانًا، ولها سلطان على الإحالة، فلذلك قال:{أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ}[الأعراف: ١٢]، وما عَلِم أن سلطان الماء الذي خُلق منه آدم أقوى منه، فإنه يُذهبه، والتراب أثبت منه، لبرده ويُبسه، فلآدم القوة والثبوت لغلبة ذينك الركنين عليه، وإن كان فيه الآخران، لكن ليس لهما ذلك السلطان، وأعطى آدم