للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ: وثبت التصريح بذلك في حديث: "وكان النبيّ يُبعث إلى قومه، وبُعثت إلى الإنس والجن"، فيما أخرجه البزار بلفظ. وعن ابن الكلبيّ: كان النبيّ يُبعث إلى الإنس فقط، وبُعث محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى الإنس والجن.

وإذا تقرر كونهم مكلَّفين، فهم مكلَّفون بالتوحيد، وأركان الإسلام، وأما ما عداه من الفروع، فاختُلف فيه، لِمَا ثبتٌ من النهي عن الروث والعظم، وأنهما زاد الجن، وفي حديث أبي هريرة: "فقلت: ما بال الروث والعظم؟ قال: هما طعام الجن … " الحديث، فدل على جواز تناولهم للروث، وذلك حرام على الإنس، وكذلك روى أحمد، والحاكم، من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: "خرج رجل من خيبر، فتبعه رجلان، وآخر يتلوهما، يقول: ارجعا حتى ردَّهما، ثم لحقه، فقال له: إن هذين شيطانان، فإذا أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

فاقرأ عليه السلام، وأخبره أنّا في جَمْع صدقاتنا، ولو كانت تصلح له لبعثنا بها إليه، فلما قدم عليه الرجل المدينة، أخبر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فنهى عن الخلوة"؛ أي: السفر منفردًا.

واختُلف أيضًا هل يأكلون، ويشربون، ويتناكحون أم لا؟ فقيل: بالنفي، وقيل: بمقابله، ثم اختلفوا، فقيل: أكْلهم وشُربهم تشمم، واسترواح، لا مضغ، ولا بلع، وهو مردود بما رواه أبو داود من حديث أمية بن مخشي قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسًا، ورجل يأكل، ولم يسمّ، ثم سمى في آخره، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: ما زال الشيطان يأكل معه، فلما سمى استقاء ما في بطنه".

وروى مسلم من حديث ابن عمر قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يأكلن أحدكم بشماله، ولا يشرب بشماله، فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله".

وروى ابن عبد البرّ عن وهب بن منبه: أن الجن أصناف، فخالصهم ريح، لا يأكلون، ولا يشربون، ولا يتوالدون، وجنس منهم يقع منهم ذلك، ومنهم السعالى، والغول، والقطرب، وهذا إن ثبت كان جامعًا للقولين الأولين.

ويؤيده ما روى ابن حبان، والحاكم، من حديث أبي ثعلبة الخشنيّ قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجن على ثلاثة أصناف: صنف لهم أجنحة يطيرون في