وطائفة. وثالثها: أنهم أصحاب الأعراف. ورابعها: التوقف عن الجواب في هذا.
وروى ابن أبي حاتم من طريق أبي يوسف، قال: قال ابن أبي ليلى في هذا: لهم ثواب، قال فوجدنا مصداق ذلك في كتاب الله تعالى:{وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا}[الأنعام: ١٣٢]، قال الحافظ: وإلى هذا أشار البخاريّ بقوله قبلها: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ}[الأنعام: ١٣٠]، فإن قوله:{وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا}[الأحقاف: ١٩] يلي الآية التي بعد هذه الآية.
واستدل بهذه الآية أيضًا ابن عبد الحكم، واستدل ابن وهب بمثل ذلك بقوله تعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ}[الأحقاف: ١٨] الآية، فإن الآية بعدها أيضًا:{وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا}.
وروى أبو الشيخ في تفسيره عن مغيث بن سمي أحد التابعين قال: ما من
شيء إلا وهو يسمع زفير جهنم إلا الثقلين الذين عليهم الحساب والعقاب.
ونقل عن مالك أنه استدلّ على أن عليهم العقاب ولهم الثواب بقوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)} [الرحمن: ٤٦]، ثم قال: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٧)} [الرحمن: ٤٧] والخطاب للإنس والجن، فإذا ثبت أن فيهم مؤمنين والمؤمن من شأنه أن يخاف مقام ربه ثبت المطلوب، والله أعلم. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: قول الجمهور القائلين بأنهم يثابون، ويعاقبون هو الصحيح، لظواهر الآيات المذكورة، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رَحِمَهُ اللهُ أوّلَ الكتاب قال: