أنه من سُداسيّات المصنّف، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وفيه ابن المسيّب أحد الفقهاء السبعة.
شرح الحديث:
(عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ) وفي رواية يونس، عن الزهريّ:"أخبرني سعيد بن المسيِّب، أن أبا هريرة حدثه" أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" وكذا قال أصحاب الزهري فيه، وخالفهم صالح بن أبي الأخضر، وزمعة بن صالح، وهما ضعيفان، فقالا:"عن الزهريّ، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه"، أخرجه ابن عدي من طريق المعافى بن عمران، عن زمعة، وابن أبي الأخضر، واستغربه من حديث المعافى قال: وأما زمعة فقد رواه عنه أيضًا أبو نعيم، أخرجه أحمد عنه، ورواه عن زمعة أيضًا أبو داود الطيالسيّ، في "مسنده"، وأبو أحمد الزبيريّ، أخرجه ابن ماجه، قاله في "الفتح"(١).
(عَن أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -)؛ أنه (قَالَ:"لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ) برفع "يلدغ" على أن "لا" ناهية، وبرفعه على أنها نافية، فيكون خبرًا، قال الخطابيّ: هذا لفظه خبر، ومعناه أمر؛ أي: لِيَكُنِ المؤمنُ حازمًا حَذِرًا، لا يؤتى من ناحية الغفلة، فيُخدعَ مرة بعد أخرى، وقد يكون ذلك في أمر الدِّين، كما يكون في أمر الدنيا، وهو أَولهما بالحذر، وقد رُوي بكسر الغين في الوصل، فيتحقق معنى النهي عنه.
قال ابن التين: وكذلك قرأناه، قيل: معنى "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين" أن من أذنب ذنبًا، فعوقب به في الدنيا، لا يعاقَب به في الآخرة.
قال الحافظ: إن أراد قائل هذا أن عموم الخبر يتناول هذا، فيمكن، وإلا فسبب الحديث يأبى ذلك، ويؤيده قول من قال: فيه تحذير من التغفيل، وإشارة إلى استعمال الفطنة.
وقال أبو عبيد: معناه: ولا ينبغي للمؤمن إذا نُكِب من وجه أن يعود إليه، قال الحافظ: وهذا هو الذي فهمه الأكثر، ومنهم الزهريّ راوي الخبر،