للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ) أبي بكرة نفيع بن الحارث - رضي الله عنه -؛ أنه (قَالَ: مَدَحَ رَجُلٌ رَجُلًا) لم يُعرف اسمهما، (عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -) وفي رواية غندر التالية: "فقال: يا رسول الله ما من رجل بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل منه في كذا وكذا"، قال الحافظ: لعله يعني: الصلاة، لما سيأتي. (قَالَ) أبو بكرة: (فَقَالَ) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ("وَيْحَكَ) هي كلمة ترحم، وتوجع، و"ويل" كلمة عذاب، وقد تأتي موضع "ويح"، قاله في "الفتح".

وقال في "العمدة": قوله: "ويحك" كلمة ترحّم، وتوجّع، تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها، وقد تقال بمعنى المدح، والتعجب، وهي منصوبة على المصدر، وقد تُرفع، وتضاف، فيقال: ويح زيد، ويحًا له، وويحٌ له. انتهى (١).

(قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ) قال في "العمدة": قطع العنق استعارة من قطع العنق الذي هو القتل؛ لاشتراكهما في الهلاك، لكن هذا الهلاك في الدين، وذاك من جهة الدنيا (٢). (قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ"، مِرَارًا)؛ أي: كرّر هذا القول أكثر من مرّة، وبيّن في رواية وهيب أنه قال ذلك ثلاثًا. (إِذَا كانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا صَاحِبَهُ لَا مَحَالَةَ)؛ أي: لا حيلة له في ترك ذلك، وهي بمعنى لا بُدّ، والميم زائدة، ويَحْتَمِل أن يكون من الحول؛ أي: القوّة، والحركة، (فَلْيَقُلْ: أَحْسِبُ فُلَانًا) بكسر السين المهملة، وفتحها، من بابي علم، وورث؛ أي: أظنّ، وفي الرواية الآتية: "إن كان يرى أنه كذلك"، وفي رواية: "إن كان يعلم ذلك"، (وَاللهُ حَسِيبُهُ) بفتح أوله، وكسر ثانيه، وبعد التحتانية الساكنة موحّدة، أي: كافيه، ويَحْتَمِل أن يكون هنا فعيل، من الحساب؛ أي: محاسبه على عمله الذي يعلم حقيقته، وهي جملة اعتراضية، وقال الطيبيّ رحمه اللهُ: هي من تتمة المقول، والجملة الشرطية حال من فاعل "فليقل"، و"على الله" فيه معنى الوجوب، والقطع، والمعنى: فليقل: أحسب فلانًا كيت وكيت، إن كان يحسب ذلك، والله يعلم سرّه فيما فعل، فهو يجازيه، ولا يقل: أتيقن أنه


(١) "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" ٣٢/ ٢٤٤.
(٢) "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" ٣٢/ ٢٤٤.