للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العين؛ أي: في قدح من خشب مُقَعّر. (كثْبَةً مِنْ لَبَنٍ) بضم الكاف، وسكون المثلثة، وفتح الموحدة؛ أي: قدر قدح، وقيل: حلبة خفيفة، ويطلق على القليل من الماء واللبن، وعلى الجرعة تبقى في الإناء، وعلى القليل من الطعام والشراب، وغيرهما، من كل مجتمع (١). (قَالَ: وَمَعِي إِدَاوَةٌ) بكسر الهمزة، وهي ما يُعمل من جلد، يستصحبه المسافر، (أَرْتَوِي فِيهَا لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -) قال التوربشتيّ: رويت من الماء بالكسر، وارتويت، وترويت كلها بمعنى، قال الطيبيّ: فعلى هذا ينبغي أن يقال: يرتوي منها، لا فيها، قال القاري: "في" تأتي بمعنى "من"، أو التقدير: يرتوي من الماء فيها، وقال النوويّ: معنى "يرتوي فيها": جعل القدح آلة للريّ، والسقي، ومنه الراوية للإبل التي يُستقى عليها الماء. انتهى، فعلى هذا يكون "في" بمعنى الباء. انتهى (٢).

(لِيَشْرَبَ) النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (مِنْهَا)؛ أي: من تلك الإداوة (وَيَتَوَضَّأَ) منها، وقال القاري: قوله: "يشرب، ويتوضأ" مستأنفان للبيان، والجملة أعني قوله: "ومعي. . . إلخ" حالية معترضة بين قوله: "فحلمب" وقوله: "فأتيت النبيّ". (قَالَ) أبو بكر - رضي الله عنه -: (فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -)؛ أي: باللبن، (وَكَرِهْتُ أَنْ أُوقظَهُ)؛ أي: أنبّهه، (مِنْ نَوْمِهِ) لاحتمال أن يكون يوحى إليه، فأقطعه عليه، لكنه قد استيقظ قبل أن يأتي أبو بكر، كما بيّنه بقوله: (فَوَافَقْتُهُ اسْتَيْقَظَ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ مِنَ الْمَاءِ، حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ) كناية عن كثرة الماء، (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ اشْرَبْ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ، قَالَ: فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ)، أي: طاب خاطري، (ثمَّ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("ألَمْ يَأْنِ لِلرَّحِيلِ؟ ") من أنى يأني: إذا دخل وقت الشيء، والمعنى: ألم يدخل وقت الرحيل؟ قال القاري: كذا قاله بعضهم، والأظهر في المعنى: ألم يأت وقت التحوّل للرحيل؟ وهو السير إلى الموضع المقصود، فيطابق قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد: ١٦]، قال أبو بكر: (قُلْثُ: بَلَى) أن وقت الرحيل، (قَالَ) أبو بكر: (فَارْتَحَلْنَا بَعْدَمَا زَالَتِ الشَّمْسُ)؛ أي: من وسط السماء، وحصل برد الهواء، (وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ) بضم السين، (ابْنُ مَالِك) بن جُعشم الْمُدْلِجيّ الكنانيّ، كان ينزل


(١) "الفتح" ٨/ ٣٢٣.
(٢) "مرقاة المفاتيح" ١١/ ٤.