للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الإسناد هو الذي تقدّم قبل حديث.

شرح الحديث:

(عَنْ عَائِشَةَ) -رضي الله عنها-؛ أنها قالت (فِي قَوْلِهِ)؛ أي: بيان معنى قوله تعالى: ({وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}) هذا في "سورة النساء" وأول الآية: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (٦)} [النساء: ٦].

قوله: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى}؛ أي: اختبروهم، قاله ابن عباس، ومجاهد، والحسن، والسديّ، ومقاتل ابن حيان.

وقوله: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} قال مجاهد: يعني: الحُلُم، وقوله: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا}؛ يعني: صلاحًا في دينهم، وحفظًا لأموالهم، قاله سعيد بن جبير، ثم نهى الله تعالى عن أكل أموال اليتامى من غير حاجة ضرورية؛ إسرافًا ومبادرة قبل بلوغهم.

وقوله: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا}؛ أي: من كان في غنية عن مال اليتيم، {فَلْيَسْتَعْفِفْ} عنه، ولا يأكل منه شيئًا.

(قَالَتْ) عائشة -رضي الله عنها-؛ (أُنْزِلَتْ)؛ أي: هذه الآية (فِي وَالِي مَالِ الْيَتِيمِ) المراد بوالي اليتيم: المتصرف في ماله بالوصية، ونحوها (١)، كما أشارت إليه بقولها: (الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ)، وقوله: (وَيُصْلِحُهُ) عطف تفسير لـ"يقوم"، فمعنى قيامه عليه: إصلاحه، والسعي في نمائه، (إِذَا كَانَ) ذلك الوالي (مُحْتَاجًا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ)؛ أي: بالمعروف، كما نصّ عليه في الآية، ومعنى المعروف: بقدر قيامه عليه، وقال الفقهاء: له أن يأكل أقل الأمرين: أجرة مثله، أو قدر حاجته، واختلفوا هل يردّ إذا أيسر؟ على قولين: أحدهما لا؛ لأنه أكل بأجرة عمله، وكان فقيرًا، وهو الصحيح عند أصحاب الشافعي؛ لأن الآية أباحت الأكل من غير بدل.


(١) "الفتح" ٩/ ٣٤.