(عَنْ عَائِشَةَ) -رضي الله عنها-، أنها قالت في قوله -عز وجل-: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} الآيَةَ قَالَتْ: أُنْزِلَتْ فِي الْمَرْأَةِ)؛ أي: في شأن المرأة التي (تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ، فَتَطُولُ صُحْبَتُهَا) له (فَيُرِيدُ طَلَاقَهَا) لعدم رغبته فيها، (فَتَقُولُ: لَا تُطَلِّقْنِي)، وقوله:(وَأَمْسِكْنِي) عطف تفسير لِمَا قبله، (وَأَنْتَ فِي حِلٍّ) بكسر الحاء المهملة، وتشديد اللام، (مِنِّي)؛ تعني: أني أذنت لك أن تتزوج عليّ من تشاء، (فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ) وفي الرواية التالية: "قَالَتْ: نَزَلَتْ فِي الْمَرْأَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ، فَلَعَلَّهُ أَنْ لَا يَسْتَكْثِرَ مِنْهَا، وَتَكُونُ لَهَا صُحْبَةٌ، وَوَلَدٌ، فَتَكْرَهُ أَنْ يُفَارِقَهَا، فَتَقُولُ لَهُ: أَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ شَأْنِي".
قال في "العمدة": قوله: {نُشُوزًا} النشوز أصله الارتفاع، فإذا أساء عِشرتها، ومنعها نفسه، والنفقة فهو نشوز، وقال ابن فارس: نَشَزَ بعلها: إذا جفاها، وضربها، وقال الزمخشريّ: النشوز أن يتجافى عنها، بأن يمنعها الرحمة التي بين الرجل والمرأة، وأن يؤذيها بسبّ، أو ضرب، والإعراض أن يُعرض عنها بأن يُقِلّ محادثتها، ومؤانستها، وذلك لبعض الأسباب، من طعن في سنّ، أو دَمَامة، أو شيء في خَلْق، أو خُلُق، أو مَلال، أو نحو ذلك.
وقوله:{أَنْ يَصَّالَحَا} أصله أن يتصالحا، فأُبدلت التاء صادًا، وأُدغمت الصاد في الصاد، فصار يَصّالحا، وقُرئ:{أَنْ يَصَّلِحَا}؛ أي: أن يصطلحا، وأصله يصتلحا، فأُبدلت التاء صادًا، وأُدغمت في الأخرى، وقرئ:{أَنْ يُصْلِحَا}.
وقوله:{صُلْحًا}[النساء: ١٢٨] في معنى مصدر كل واحد من الأفعال الثلاثة، وقوله:{وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}[النساء: ١٢٨]؛ أي: من الفرقة، أو من النشوز والإعراض، وسوء العشرة، قال الزمخشريّ: هذه الجملة اعتراض، وكذلك