للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الموجِب، وقد فَهِم عمر -رضي الله عنه- أن قوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} يعمّ كل من يأتي إلى يوم القيامة، وأنها معطوفة على ما قبلها، فوقف الأرض المغنومة المفتتحة في زمانه على من يأتي بعد إلى يوم القيامة، وخصص بهذه الآية الأرض من جملة الغنيمة التي قال الله فيها: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١]، وقد تقدَّم الكلام على هذا في "الجهاد". انتهى كلام القرطبيّ -رحمه الله- (١).

وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباريّ في "المصاحف"، وابن مردويه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: أُمروا أن يستغفروا لأصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فسبّوهم، ثم قرأت هذه الآية: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ}.

وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر، أنه سمع رجلًا، وهو يتناول بعض المهاجرين، فقرأ عليه: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} الآية، ثم قال: هؤلاء المهاجرون، فمنهم أنت؟ قال: لا، ثم قرأ عليه: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} الآية، ثم قال: هؤلاء الأنصار، أفأنت منهم؟ قال: لا، ثم قرأ عليه: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} الآية، ثم قال: أفمن هؤلاء أنت؟ قال: أرجو، قال: لا، ليس من هؤلاء من يسبّ هؤلاء.

وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن ابن عمر، أنه بلغه أن رجلًا نال من عثمان، فدعاه، فأقعده بين يديه، فقرأ عليه: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} الآية، قال: من هؤلاء أنت؟ قال: لا، ثم قرأ: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} الآية، قال: من هؤلاء أنت؟ قال: أرجو أن أكون منهم، قال: لا، والله ما يكون منهم من يتناولهم، وكان في قَلْبه الغلّ عليهم (٢)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عائشة -رضي الله عنها- هذا من أفراد المصنّف -رحمه الله-.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١/ ٧٥٠٠ و ٧٥٠١] (٣٠٢٢)، و (الحاكم) في "المستدرك" (٢/ ٤٦٢)، والله تعالى أعلم.


(١) "المفهم" ٧/ ٤٠٧ - ٤٠٨.
(٢) راجع: "الدر المنثور" ٨/ ١١٣.