للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (يَحْيَى بْنُ يَحْيَى) التميميّ، أبو زكريّاء النيسابوريّ الإمام [١٠]، تقدم في "المقدمة" ٣/ ٩.

٢ - (أَبُو مُعَاوِيَةَ) محمد بن خازم الضرير الكوفيّ، من كبار [٩]، تقدم في "الإيمان" ٤/ ١١٧.

والباقون ذُكروا قبله.

شرح الحديث:

(عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزبير؛ أنه (قَالَ: قَالَتْ لِي عَائِشَةُ) -رضي الله عنها- (يَا ابْنَ أُخْتِي) هي أسماء بنت أبي بكر الصدّيق -رضي الله عنها-، (أُمِرُوا)؛ أي: الذين جاؤوا بعد أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، (أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لأَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-)؛ أي: في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٠)} [الحشر: ١٠]، (فَسَبُّوهُمْ)؛ أي: لعنوهم، وعابوهم مخالفين لأمر الله تعالى.

قال القرطبيّ -رحمه الله-: قول عائشة -رضي الله عنها-: "أُمروا أن يستغفروا لأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-، فسبّوهم" أشارت عائشة -رضي الله عنها- إلى قوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ}، فسبّوهم، تريد عائشة بهذا: أن التابعين حقّهم الواجب عليهم أن يحبّوا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأن يعظّموهم، ويستغفروا لهم، وكذلك كل من يجيء بعد التابعين إلى يوم القيامة، ويحرم عليهم أن يسبّوهم، أو يسبّوا أحدًا منهم، كما قد صرح بذلك بعض بني أمية، وإياهم عَنَتْ بقولها، ولقد أحسن مالك -رحمه الله- في فهم هذه الآية، فقال: من سبّ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا حقّ له في الفيء، واستدلّ بالآية، ووجهه أنه رأى هذه الآية معطوفة على قوله: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [الحشر: ٩]، وأن هذه الآية معطوفة على قوله: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} [الحشر: ٨]، فظهر له أن المهاجرين والأنصار استحقّوا الفيء بأنهم مهاجرون، وأنصار، من غير قيد زائد على ذلك، وأن من جاء بعدهم قُيّدوا بقيد: {يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ}، فإن لم يوجد هذا القيد لم يجز الإعطاء؛ لعدم تمام