تمام البحث فيه. (فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ) بالتصغير، وفي رواية سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عند أحمد، والترمذيّ، وحسنه، والحاكم، وصححه:"مَرّ رجل من بني سُليم، بنفر من الصحابة، وهو يسوق غنمًا له، فسلّم عليهم"، (فَقَالَ) الرجل: (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَأَخَذُوهُ)؛ أي: أخذوا الرجل المسلّم عليهم، (فَقَتَلُوهُ) زاد في رواية سماك: "وقالوا: ما سَلَّم علينا إلا ليتعوذ منا"، (وَأَخَذُوا تِلْكَ الْغُنَيْمَةَ) التي كانت لذلك الرجل (فَنَزَلَتْ)؛ يعني: الآية، وهي قوله تعالى:({وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}) وفي رواية سماك: "وأتوا بغنمه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فنزلت"، وروى البزار من طريق حَبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في سبب نزول هذه الآية قصة أخرى، قال:"بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سريةً، فيها المقداد، فلما أتوا القوم وجدوهم، قد تفرقوا، وبقي رجل له مال كثير، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، فقتله المقداد، فقال له النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: كيف لك بلا إله إلا الله غدًا؟ وأنزل الله هذه الآية".
قال الحافظ -رحمه الله-: هذه القصة يمكن الجمع بينها وبين التي قبلها، ويستفاد منها تسمية القاتل، وأما المقتول فروى الثعلبيّ من طريق الكلبيّ، عن أبي صالح، عن ابن عباس، وأخرجه عبد بن حميد من طريق قتادة نحوه، واللفظ للكلبيّ أن اسم المقتول: مِرداس بن نَهيك، من أهل فَدَك، وأن اسم القاتل: أسامة بن زيد، وأن اسم أمير السرية: غالب بن فَضَالة الليثيّ، وأن قوم مِرداس لمّا انهزموا بقي هو وحده، وكان ألجأ غنمه بجبل، فلمّا لحقوه قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، السلام عليكم، فقتله أسامة بن زيد، فلمّا رجعوا نزلت الآية، وكذا أخرج الطبريّ من طريق السُّدّي نحوه، وفي آخر رواية قتادة:"لأن تحية المسلمين السلام، بها يتعارفون".
وأخرج ابن أبي حاتم، من طريق ابن لَهِيعة، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:"أُنزلت هذه الآية: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ} في مرداس"، وهذا شاهد حسن.
وورد في سبب نزولها عن غير ابن عباس شيء آخر، فروى ابن إسحاق في "المغازي"، وأخرجه أحمد من طريقه، عن عبد الله بن أبي حدرد الأسلميّ، قال: "بعثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نفر من المسلمين، فيهم أبو قتادة، ومُحَلِّم بن