للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جَثَّامة، فمرّ بنا عامر بن الأضبط الأشجعيّ، فسلّم علينا، فحمل عليه مُحَلِّم، فقتله، فلما قَدِمنا على النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأخبرناه الخبر، نزل القرآن، فذكر هذه الآية".

وأخرجها ابن إسحاق من طريق ابن عمر أتمّ سياقًا من هذا، وزاد أنه كان بين عامر ومحلم عداوة في الجاهلية، وهذه عندي قصة أخرى، ولا مانع أن تنزل الآية في الأمرين معًا (١).

قال عطاء: (وَقَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ: السَّلَامَ) وهي قراءة الأكثرين.

قال في "الفتح": قوله في آخر الحديث: "قال: قرأ ابن عباس: السلام" هو مقول عطاء، وهو موصول بالإسناد المذكور، قال: والسَّلَم، والسلام، والسِّلْم واحد، يعني: أن الأول بفتحتين، والثالث بكسر، ثم سكون، فالأول قراءة نافع، وابن عامر، وحمزة، والثاني قراءة الباقين، والثالث قراءة رُويت عن عاصم بن أبي النَّجُود، ورُوي عن عاصم الْجَحْدريّ بفتح، ثم سكون، فأما الثاني فمن التحية، وأما ما عداه فمن الانقياد. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء: ٩٤] قال: هذه قراءة ابن عباس، وجماعة من القراء، {السَّلَام} بألف، يعنون به التحية، وقرأه جماعة آخرون: {السَّلَمَ} بغير ألف، يعنون بذلك: الصلح، والقراءتان في السبع، وقرأ ابن وثّاب: "السِّلْم" -بكسر السين، وسكون اللام-، وهي لغة في السَّلْم، الذي هو الصلح.

وقوله: {تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النساء: ٩٤]؛ أي: تريدون المال، وما يَعْرِض من الأعراض الدنيوية.

وقوله: {فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ} [النساء: ٩٤]؛ أي: إن اتقيتم الله، وكففتم عما ينهاكم عنه سلّمكم، وغنّمكم.

وقوله: {كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ} [النساء: ٩٤]؛ أي: قبل الهجرة حين كنتم تُخفون الشهادة، وقيل: من قبل أن تعرفوا الشهادة.

وقوله: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} [النساء: ٩٤]؛ أي: بالإسلام، وبإعزازكم بمحمد -صلى الله عليه وسلم-.


(١) "الفتح" ١٠/ ٦٢ - ٦٣، "كتاب التفسير" رقم (٤٥٩١).
(٢) "الفتح" ١٠/ ٦٢ - ٦٣، "كتاب التفسير" رقم (٤٥٩١).