للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: {فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦] من البيان، و"تثبّتوا": من التثبّت، والقراءتان في السبع، وتفيدان وجوب التوقف، والتبيّن عند إرادة الأفعال، إلى أن يتّضح الحقّ، ويرتفع الإشكال. انتهى كلام القرطبيّ -رحمه الله- (١).

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس -رضي الله عنهما- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١/ ٧٥٠٩]، (٣٠٢٥)، و (البخاريّ) في "التفسير" (٤٥٩١)، و (الترمذيّ) في "التفسير" (٣٠٣٠)، و (أبو داود) في "الحروف والقراءات" (٣٩٧٤)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (٦/ ٣٢٦)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (٥/ ٥٥٧)، و (أحمد) في "مسنده" (١/ ٢٢٩ و ٢٧٢ و ٣٢٤)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٩/ ١١٥)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): ذمّ الحرص على الدنيا؛ لأن هؤلاء لم يقتلوا هذا الرجل إلا ليأخذوا غنيمته، ولذلك قال الله -عز وجل-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (٩٤)} [النساء: ٩٤].

٢ - (ومنها): أن في الآية الكريمة دليلًا على أن من أظهر شيئًا من علامات الإسلام لم يحلّ دمه حتى يختبر أمره؛ لأن السلام تحية المسلمين، وكانت تحيتهم في الجاهلية بخلاف ذلك، فكانت هذه علامة.

٣ - (ومنها): أنه على قراءة "السَّلَمَ" على اختلاف ضبطه، فالمراد به: الانقياد، وهو علامة الإسلام، لأن معنى الإسلام في اللغة: الانقياد.

قال الحافظ -رحمه الله-: ولا يلزم من هذا الحكمُ بإسلام من اقتصر على ذلك، وإجراء أحكام المسلمين عليه، بل لا بدّ من التلفظ بالشهادتين على تفاصيل في ذلك بين أهل الكتاب وغيرهم، والله تعالى أعلم (٢).


(١) "المفهم" ٧/ ٣٣٧ - ٣٣٨.
(٢) "الفتح" ١٠/ ٦٣.