للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: "كانت قريش تُدْعَى الْحُمْس، وكانوا يدخلون من الأبواب في الإحرام، وكانت الأنصار، وسائر العرب، لا يدخلون من الأبواب، فبينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بستان، فخرج من بابه، فخرج معه قُطبة بن عامر الأنصاريّ، فقالوا: يا رسول الله إن قطبة رجل فاجر، فإنه خرج معك من الباب، فقال: ما حملك على ذلك؟ فقال: رأيتك فعلته، ففعلت كما فعلت، قال: إني أحمسيّ، قال: فإن ديني دينك، فأنزل الله الآية"، وهذا الإسناد وإن كان على شرط مسلم، لكن اختُلف في وصله على الأعمش، عن أبي سفيان، فرواه عبد بن حميد عنه، فلم يذكر جابرًا، أخرجه بَقِيّ، وأبو الشيخ في "تفسيرهما" من طريقه، وكذا سماه الكلبيّ في "تفسيره" عن أبي صالح، عن ابن عباس، وكذا ذكر مقاتل بن سليمان في "تفسيره".

وجزم البغويّ وغيره من المفسرين بأن هذا الرجل يقال له: رفاعة بن تابوت، واعتمدوا في ذلك على ما أخرجه عبد بن حميد، وابن جرير من طريق داود بن أبي هند، عن قيس بن جبير النَّهْشليّ، قال: "كانوا إذا أحرموا لم يأتوا بيتًا من قِبَل بابه، ولكن من قِبَل ظهره، وكانت الحُمُس تفعله، فدخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حائطًا، فاتّبعه رجل يقال له: رفاعة بن تابوت، ولم يكن من الحمس. . ." فذكر القصة.

قال الحافظ: وهذا مرسل، والذي قبله أقوى إسنادًا، فيجوز أن يُحْمَل على التعدد في القصة، إلا أن في هذا المرسل نظرًا من وجه آخر؛ لأن رفاعة بن تابوت معدود في المنافقين، وهو الذي هَبَّت الريح العظيمة لموته، كما وقع مبهمًا في "صحيح مسلم"، ومفسَّرًا في غيره من حديث جابر، فإن لم يُحْمَل على أنهما رجلان توافق اسمهما واسم أبويهما، وإلا فكونه قطبة بن عامر أَولى.

ويؤيده أن في مرسل الزهريّ عند الطبري: "فدخل رجل من الأنصار، من بني سَلِمة" وقطبة من بني سَلِمة، بخلاف رفاعة.

ويدلّ على التعدد اختلاف القول في الإنكار على الداخل، فإن في حديث جابر: "فقالوا: إن قطبة رجل فاجر"، وفي مرسل قيس بن جبير: "فقالوا: يا رسول الله نافق رفاعة"، لكن ليس بممتنع أن يتعدد القائلون في القصة الواحدة.