للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد وقع في حديث ابن عباس عند ابن جريج أن القصة وقعت أوّل ما قَدِمَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- المدينة، وفي إسناده ضعف.

وفي مرسل الزهريّ أن ذلك وقع في عمرة الحديبية، وفي مرسل السدّيّ عند الطبري أيضًا أن ذلك وقع في حجة الوداع، وكأنه أخذه من قوله: "كانوا إذا حجوا"، لكن وقع في رواية الطبريّ: "كانوا إذا أحرموا"، فهذا يتناول الحج والعمرة، والأقرب ما قال الزهريّ.

وبيَّن الزهريّ السبب في صنيعهم ذلك، فقال: "كان ناس من الأنصار إذا أهلّوا بالعمرة، لم يَحُلْ بينهم وبين السماء شيء، فكان الرجل إذا أهلّ، فبدت له حاجة في بيته لم يدخل من الباب، من أجل أن السقف يحول بينه وبين السماء".

[تنبيه]: اتفقت الروايات على نزول الآية في سبب الإحرام، إلا ما أخرجه عبد بن حميد بإسناد صحيح عن الحسن، قال: "كان الرجل من الجاهلية يَهُمّ بالشيء يصنعه، فيحبس عن ذلك، فلا يأتي بيتًا من قبل بابه، حتى يأتي الذي كان همّ به"، فجعل ذلك من باب الطيرة، وغيره جعل ذلك بسبب الإحرام.

وخالفهم محمد بن كعب القُرظيّ، فقال: "كان الرجل إذا اعتكف لم يدخل منزل من باب البيت" فنزلت، أخرجه ابن أبي حاتم بإسناد ضعيف.

وأغرب الزجاج في "معانيه"، فجزم بأن سبب نزولها ما رُوي عن الحسن، لكن ما في الصحيح أصحّ، والله أعلم.

[تنبيه آخر]: اتفقت الروايات على أن الحمس كانوا لا يفعلون ذلك، بخلاف غيرهم، وعَكَس ذلك مجاهد، فقال: "كان المشركون إذا أحرم الرجل منهم ثَقَب كُوّةً في ظهر بيته، فدخل منها، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم، ومعه رجل من المشركين، فدخل من الباب، وذهب المشرك ليدخل من الكوّة، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما شأنك؟ فقال: إني أحمسيّ، فقال: وأنا أحمسيّ"، فنزلت، أخرجه الطبريّ، ذكر هذا كلّه في "الفتح" (١).

(فَدَخَلَ) ذلك الرجل (مِنْ بَابِهِ)؛ أي: من باب بيته، (فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ)؛ أي: كلّموه، وعابوه على ما فعل، وتقدّم أنهم قالوا: "نافق رفاعة"، وفي


(١) "الفتح" ٥/ ٤٣ - ٤٥، "كتاب العمرة" رقم (١٨٠٣).