للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال النوويّ: هجر هذه غير هجر المذكورة في حديث: "إذا بلغ الماء قلتين بقلال هجر"، تلك قرية من قُرَى المدينة، كانت القلال تُصْنَع بها، معروفةٌ، وقد أوضحتها في أول "شرح المهذّب". انتهى.

(أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى) - بضم الباء - وهي مدينة معروفة، بينها وبين دمشق نحو ثلاث مراحل، وهي مدينة حُوران، وبينها وبين مكة شهر، قاله النوويّ (١)، وهي غير البصرة المعروفة بالعراق، وقد تقدّم أنها مثلّثة الباء، والغرض من التمثيل بهذا المبالغة في سعة باب الجنّة، والله تعالى أعلم.

وقال القرطبيّ رحمه الله: يَحْتَمِلُ أن يكون شكًّا من بعض الرواة، وَيحْتَمِلُ أن يكون تنويعًا، كأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا رأى ما بينهما قدّره راءٍ بكذا، وقدّره آخر بكذا، ويصحّ أن يقال: سَلَكَ بها مسلك التخيير، فكأنه قال: قدِّروها إن شئتم بكذا، وإن شئتم بكذا. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: الصواب كونه للشكّ، ويردّ الاحتمال الثاني ما يأتي في رواية عُمارة بن القعقاع بلفظ: "لَكَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرٍ، أَوْ هَجَرٍ وَمَكَّةَ، قَالَ: لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَ؟ "، فإنه صريحٌ في الشكّ، وقد وقع عند ابن منده بلفظ: "كما بين مكة وهَجَر، أو مكة وبُصْرَى، لا أدري أيهما قال؟ "، فدلّ على أن "أو" للشكّ من غير شكّ، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفق عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا في "الإيمان" [٩٠/ ٤٨٧ و ٤٨٨] (١٩٤)، و (البخاريّ) في "أحاديث الأنبياء" (٣٣٤٠ و ٣٣٦١)، و"التفسير" (٤٧١٢)، و (الترمذيّ) في "الزهد" (٢٤٣٤)، و"الأطعمة" (١٨٣٧)، و (النسائيّ) في "الوليمة" من "الكبرى" (٦٦٦٠)، و"التفسير" (١١٢٨٦)، و (ابن ماجه) في "الأطعمة" (٣٣٠٧)، و (أحمد) في "مسنده" (٢/ ٣٣١ و ٤٣٥)، و (أبو عوانة) في


(١) "شرح مسلم" ٣/ ٦٩.
(٢) "المفهم" ١/ ٤٣٨ - ٤٣٩.