أَفُضَّ الخاتم، فلما كان الآن، ورأيت الإسلام يظهر، ولم أر بأسًا، قالت لي نفسي: لعل أباك غَيَّب عنك علمًا كتمك، فلو قرأته، ففضضتُ الخاتم، فقرأته، فوجدت فيه صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - وأمته، فجئت الآن مسلمًا، فوالى العباس.
وقال محمد بن سعد: قالوا: وذكر أبو الدرداء كعبًا، فقال: إن عند ابن الحميرية لعلمًا كثيرًا، وقال الوليد بن مسلم، عن صخر بن جَندل، عن يونس بن ميسرة بن حَلْبَس، عن أبي فوزة حُدَير السُّلَميّ، قال: خرج بعثُ الصائفة، فاكتُتِب فيه كعب، أحسبه قال: فخرج البعث، وهو مريض، فقال: لأن أموت بحَرَسْتا أحبّ إليّ من أن أموت بدمشق، ولأن أموت بدُومة أحب إلي من أن أَموت بحرستا، هكذا قُدمًا في سبيل الله، قال: فمضى، فلما كان بِفَخ معلولًا، قلت: أخبرني، قال: شغلتني نفسي، حتى إذا كان بحمص تُوُفّي بها، فدفناه
هنالك بين زيتونات أرض حمص، ومضى البعث، فلم يَقْفُل حتى قُتل عثمان - رضي الله عنه -.
وقال معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جُبير بن نُفير: قال معاوية: ألا إن أبا الدرداء أحد الحكماء، ألا إن عمرو بن العاص أحد الحكماء، ألا إن كعب الأحبار أحد العلماء، إن كان عنده لعلمٌ كالثمار، وإن كنا فيه لَمُفَرِّطين.
وقال أسامة بن زيد الليثيّ، عن أبي مَعْن: لقي عبدُ الله بن سلام كعبَ الأحبار عند عمر، فقال: يا كعب، مَن أرباب العلم؟ قال: الذين يعملون به، قال: فما يُذهب العلم من قلوب العلماء بعد أن حَفِظوه وعقلوه؟ قال: يُذهبه الطَّمَع، وشَرَهُ النفس، وتطلب الحاجات إلى الناس، قال: صدقت.
وقال بَحِير بن سعد، عن خالد بن مَعْدان، عن كعب، قال: لأن أبكي من خشية الله أحب إليّ من أن أتصدق بوزني ذهبًا، وما من عينين بكتا من خشية الله في دار الدنيا، إلا كان حقًّا على الله أن يُضحكهما في الآخرة.
قال الواقديّ، والهيثم بن عديّ، وخليفة بن خياط، وعمرو بن عليّ، وغير واحد: مات سنة اثنتين وثلاثين، وقال إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو: حدثني شُريح بن عبيد أن كعبًا مات سنة أربع وثلاثين، وكذلك أبو