للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الكرمانيّ المذكور، تركت ذكره لعدم جدواه فتنبّه. والله تعالى أعلم.

(السادس): ما قيل: لم يذكر الإيمان بالأنبياء والملائكة عليهم السلام وغير ذلك مما تضمّنه سؤال جبريل عليه السلام؟

أجيب: بأن المراد بالشهادة تصديق الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما جاء به، فيستلزم جميع ما ذُكر من المعتقدات، وقال الإسماعيليّ رحمه الله تعالى ما محصّله: هو من باب تسمية الشيء ببعضه، كما تقول: قرأت "الحمد"، وتريد جميع الفاتحة، وكذا تقول مثلًا: شهدتُ، برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وتريد جميع ما ذُكر (١). والله تعالى أعلم.

(السابع): ما قيل: لمَ لم يذكر فيه الجهاد؟ أجيب بأنه فرض كفاية، ولا يتعيّن إلا في بعض الأحوال، ولهذا جعله ابن عمر - رضي الله عنهما - جوابًا للسائل، وزاد في رواية عبد الرزّاق في آخره: "وإن كان الجهاد من العمل الحسن".

وأغرب ابن بطّال، فزعم أن هذا الحديث كان في أول الإسلام قبل فرض الجهاد، وهو خطأ بَيِّنٌ؛ لأن فرض الجهاد كان قبل وقعة بدر، وكانت في رمضان في السنة الثانية، وفيها فُرض الصيام، والزكاة بعد ذلك، والحجّ بعد ذلك على الصحيح.

وقال الداوديّ: لما فُتحت مكة سقط فرض الجهاد على من بعد من الكفّار، وهو فرض على من يليهم، وكان أوّلًا فرضًا على الأعيان، وقيل: هو مذهب ابن عمر - رضي الله عنهما -، والثوريّ، وابن شُبْرُمة، إلا أن ينزل العدوّ فيأمر الإمام بالجهاد، وجاء في البخاريّ في هذا الحديث في "التفسير": "أن رجلًا قال لابن عمر: ما حملك على أن تحجّ عامًا، وتعتمر عامًا، وتترك الجهاد"، وفي رواية عكرمة بن خالد الآتية في أولها: "أن رجلًا قال لابن عمر: ألا تغزو، فقال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الإسلام بُني على خمس … " الحديث، فهذا يدلّ على أن ابن عمر كان لا يرى فرضيّته إما مطلقًا، كما نُقل عنه، أو في ذلك الوقت (٢). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة):

في بيان اختلاف العلماء في توجيه إنكار ابن عمر - رضي الله عنهما - على الرجل في


(١) "الفتح" ١/ ٦٥.
(٢) "عمدة القاري" ١/ ١٢١.