للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثم بيّن معنى قوله: "فعمَّ وخصَّ" بقوله: (فَقَالَ: "يَا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ) بضم اللام، وفتح الهمزة، وقد تُبدل واوًا، فتحتيّةً مشدَّدةً، وقال صاحب "المطالع": "لُؤَيّ " يُهْمَز، ولا يهمز، والهمز أكثر. انتهى (١)، وهو ابن غالب بن فهر (أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ) أمر من الإنقاذ رباعيًّا: أي خلّصوها من النار بترك أسبابها، والاشتغال بأسباب الجنّة.

وفي الرواية الآتية: "اشتروا أنفسكم من الله": أي باعتبار تخليصها من النار، كأنه قال: أسلموا تَسلَموا من العذاب، فكان ذلك كالشراء، كأنهم جعلوا الطاعة ثمن النجاة، وأما قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ} الآية [التوبة: ١١١]، فهناك المؤمن بائع، باعتبار تحصيل الثواب، والثمن الجنّة، وفيه إشارة إلى أن النفوس كلّها ملك لله تعالى، وأن من أطاعه حقّ طاعته في امتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وفّى ما عليه من الثمن، وبالله تعالى التوفيق.

(يَا بَنِي مُرَّةَ) بضم الميم، وتشديد الراء (بنِ كعْبٍ، أَنْقِذُوا أنفُسَكُمْ مِنَ النَّار، يَا بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّار، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، أنقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّار، يَا بَني هَاشِم، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّار، يَا بَني عَبْدِ الْمُطَّلِب، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّار، يَا فَاطِمَةُ، أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ) قال النوويّ رحمه الله: هكذا وقع في الأصول: "فاطمة"، وفي بعضها، أو أكثرها: "يا فاطم" بحذف الهاء على الترخيم، كما قال في "الخلاصة":

تَرْخِيمًا احْذِفْ آخِرَ الْمُنَادَى … كـ"يَا سُعَا" فِيمَنْ دَعَا "سُعَادَا"

وعلى هذا فيجوز ضمّ الميم، وفتحها، ويسمّى الأول لغة من ينتظر، والثاني لغة من لا ينتظر، وإليه أشار في "الخلاصة" بقوله:

وَإِنْ نَوَيْتَ بَعْدَ حَذْفِ مَا حُذِفْ … فَالْبَاقِيَ اسْتَعْمِلْ بِمَا فِيهِ أُلِفْ

وَاجْعَلْهُ إِنْ لَمْ تَنْوِ مَحْذُوفًا كَمَا … لَوْ كَانَ بِالآخِرِ وَضْعًا تُمِّمَا

فَقُلْ عَلَى الأَوَّلِ فِي "ثَمُودَ""يَا … ثَمُو"و"يَا ثَمِي" عَلَى الثَّانِي بِيَا

وإنما ختم بفاطمة - رضي الله عنها -؛ لأنها خلاصة قومها، ثم عمّ في تبرّي إنقاذه


(١) "شرح النوويّ" ٣/ ٧٨.