للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) - رضي الله عنهما -، أنه (قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذ الْآيَةُ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)} [الشعراء: ٢١٤] وَرَهْطَكَ) قال المجد - رَحِمَهُ اللهُ -: "الرَّهْطُ" بفتح، فسكون، ويُحرَّك: قوم الرجل، وقبيلته، ومن ثلاثة، أو سبعة، إلى العشرة، أو ما دون العشرة، وما فيهم امرأة، ولا واحد له من لفظه، جمعه: أَرْهُطٌ، وأَراهطُ، وأَرْهاط، وأَراهيط. انتهى (١). (مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) - بفتح اللام - قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: ظاهر هذه العبارة أن قوله: "ورهطك منهم المخلَصين" كان قرآنًا أُنزل، ثم نُسِخت تلاوته، ولم تقع هذه الزيادة في روايات البخاري. انتهى (٢).

وتعقّب في "الفتح" قول النوويّ: إنها لَمْ تقع عند البخاريّ، بأنها وقعت عنده في "تفسير سورة {تَبَّتْ}، فتنبّه.

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: لعل هذه الزيادة كانت قرآنًا، فنُسخت تلاوتها، ثم استشكل بأن المراد إنذار الكفّار، والمخلَص صفة المؤمن، والجواب: أنه لا يمتنع عطف الخاصّ على العامّ، فقوله: {وَأَنذِرْ عَشِيَرتَكَ} عامّ فيمن آمن منهم، ومن لَمْ يؤمن، ثم عَطَف عليه الرهط المخلصين؛ تنويهًا بهم، وتأكيدا (٣).

قال الجامح عفا الله عنه: الذي يظهر لي أنه ليس المراد بكونهم المخلَصين الإخلاص الإيمانيّ، وإنما هو إخلاص الودُّ والعطف والقرابة، فإن من كان أقرب إلى الشخص نسبًا يكون أخلص في موالاته، ومناصرته ومحبّته، وهو أيضًا يخلص لهم الودّ والمحبّة، فتأمل، والله تعالى أعلم.

(خَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) أي من بيته (حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا) بكسر العين، أي رَقِي على الجبل المعروف (فَهَتَفَ: "يَا صَبَاحَاهْ") تقدّم الكلام على هذه الجملة قريبًا (فَقَالُوا) أي بعض قريشٍ لبعضهم (مَنْ هَذَا الَّذِي يَهْتِفُ؟ قَالُوا) أي البعض الآخرون (مُحَمَّد) خبر لمحذوف دلّ عليه السؤال، أي هو محمد - صلى الله عليه وسلم - (فَاجْتَمَعُوا إِلَيْه، فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - " ("يَا بَنِي فُلَانٍ، يَا بَنِي فُلَانٍ، يَا بَنِي فُلَانٍ) تقدّم في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: يا بني كعب بن لُؤيّ، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني


(١) "القاموس المحيط" ص ٦٠١.
(٢) "شرح مسلم" ٣/ ٨٢.
(٣) راجع: "الفتح" ٨/ ٣٦١.