٥ - (ومنها): أن عائشة - رضي الله عنها - من المكثرين السبعة، روت (٢٢١٠) أحاديث، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ عَائِشَةَ) - رضي الله عنها - أنَّها (قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، ابْنُ جُدْعَانَ) هو: عبد الله بن جُدْعان - بضم الجيم، وإسكان الدال المهملة، وبالعين المهملة - كان كثيرَ الإطعام، وكان اتّخَذ للضِّيفان جَفْنةً، يُرْقَى إليها بِسُلَّم، وكان من بني تيم بن مُرّة أقرباء عائشة - رضي الله عنها -، وكان من رؤساء قريش (١)، (كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ) أي في الأيّام التي قبل بعثة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، سُمُّوا بذلك؛ لكثرة جهالاتهم (يَصِلُ الرَّحِمَ) معنى صِلَة الرحم هو الإحسان إلى الأقارب، وقد تقدّم بيانها، وقوله:(وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) وفي رواية أبي عوانة في "مسنده" من طريق عُبيد بن عُمير، عن عائشة - رضي الله عنها -: "قالت: قلت للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: إن عبد الله بن جُدعان كا في الجاهليّة يَقري الضيف، وَيَصِل الرحم، وَيفُكّ العاني، ويحسن الجِوَار، فأثنيتُ عليه، هل نفعه ذلك؟ ".
(فَهَلْ ذَاكَ) وفي نسخة: "فهل ذلك"(نَافِعُهُ؟) أي فهل ينتفع بثواب هذا العمل؛ لأنه من أعمال الخيرات التي وعد الله تعالى عباده أن يُثيبهم عليها (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("لَا يَنْفَعُهُ) أي لا يثاب على هذا العمل، ثم ذكر علّة عدم انتفاعه به، فقال:(إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ) بكسر همزة "إنّ"؛ لوقوعها في الابتداء، والجملة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا، وهو ما وقع جوابًا عن سؤال مقدَّر، والتقدير هنا: لِمَ لا ينفعه؟، فأجاب بقوله: "إنه لَمْ يقل … إلخ".
(يَوْمًا) أي وقتًا من أوقات عمره، والمراد هنا آخر لحظة من حياته، ثم مات عليه؛ لأن ما حصل قبل ذلك لا ينفع أيضًا إذا لَمْ يستمرّ عليه حتى الموت (رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ") أي لَمْ يكن مُصَدِّقًا بالبعث، ومَن لَمْ يُصَدِّق به كافرٌ، والكافر لا ينفعه أيُّ عمل من أعمال البرّ؛ لإحباطه بكفره، كما أخبر الله تعالى بذلك، فقال: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣)} [الفرقان: ٢٣].