للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معنى قولها: "هل ذلك نافعه؟ " أي: هل ذلك مُخلِّصه من عذاب الله الْمُسْتَحَقِّ بالكفر؟، فأجابها بنفي ذلك، وعلّله بأنه لَمْ يؤمن، وعَبّر عن الإيمان ببعض ما يدُلّ عليه، وهو قوله: "لَمْ يقل: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين". انتهى (١).

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معنى هذا الحديث أن ما كان يفعله من الصِّلة، والإطعام، ووجوه المكارم لا ينفعه في الآخرة؛ لكونه كافرًا، وهو معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لم يقل: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين".

وقال القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: وقد انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم، ولا يثابون عليها بنعيم، ولا تخفيف عذاب، لكن بعضهم أشدُّ عذابًا مَن بعض، بحسب جرائمهم. انتهى.

وذكر الإمام الفقيه الحافظ أبو بكر البيهقيّ - رَحِمَهُ اللهُ - في كتابه "البعث والنشور" نحو هذا عن بعض أهل العلم والنظر، قال البيهقيّ: وقد يجوز أن يكون حديث ابن جُدْعان، وما ورد من الآياتِ والأخبار في بطلان خيرات الكافر، إذا مات على الكفر، وَرَدَ في أنه لا يكون لها مَوْقِعُ التخلص من النار، وإدخال الجَنَّة، ولكن يُخَفَّف عنه من عذابه الذي يستوجبه على جنايات ارتكبها سوى الكفر، بما فعل من الخيرات. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا في "الإيمان" [٩٨/ ٥٢٤] (٢١٤)، و (الترمذيّ) في "التفسير" (٣١٢١)، و (ابن ماجة) في "الزهد" (٤٢٧٩)، و (أحمد) في "مسنده" (٦/ ٩٣ و ١٣٤ و ١٠١)، و (الدارميّ) في "سننه" (٢/ ٣٢٨)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٣٣٠ و ٣٣١)، و (الحاكم) في "مستدركه" (٢/ ٣٥٢ و ٤٠٥)، و (أبو


(١) "المفهم" ١/ ٤٥٩.
(٢) "شرح النوويّ" ٣/ ٨٧.