للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ووقع في رواية بيان بن بِشْرٍ، عن قيس: "سمعتُ عمرو بن العاص" (قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جِهَارًا) يَحْتَمِل أن يَتَعَلَّق بالمفعول، أي كان المسموع في حالة الجهر، ويَحْتَمِل أن يتعلق بالفاعل، أي أقول ذلك جهارًا، وقوله: (غَيْرَ سِرٍّ) تأكيد لذلك؛ لدفع توَهُّم أنه جَهَرَ به مرّةً، وأخفاه أخرى، والمراد أنه لَمْ يقل ذلك خُفْيَةً، بل جَهَر به، وأشاعه (يَقُولُ: "أَلَا إِنَّ آلَ أَبِي - يَعْنِي فُلَانًا) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذه الكناية بقوله: "يعني فلانًا" هي من بعض الرواة، خَشِيَ أن يُسَمِّيه، فيترتب عليه مفسدة وفتنة، إما في حقّ نفسه، وإما في حقّه، وحقّ غيره، فكَنَى عنه، والغرض إنما هو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما وليّي الله، وصالح المؤمنين"، قال القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: قيل: إن الْمَكْنِيَّ عنه ها هنا هو الحكم بن أبي العاص، والله تعالى أعلم. انتهى.

وقال ابن التين - رَحِمَهُ اللهُ -: حُذفت التسمية؛ لئلا يتأذى بذلك المسلمون من أبنائهم (١).

ووقع عند البخاريّ بلفظ: "إنّ آل أبي" دون ذكر ما يُضاف إليه أصلًا، قال في "الفتح": كذا للأكثر بحذف ما يضاف إلى أداة الكنية، وأثبته المستملي في روايته، لكن كَنَى عنه، فقال: "آل أبي فلان"، وكذا هو في روايتي مسلم، والإسماعيليّ.

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "إلا إن آل أبي فلان"، كذا وقع للسمرقنديّ، ولغيره: "إلا إن آل أبي - يعني: فلانًا"، وفي رواية "فُلانٍ" على الحكاية، وهذا كناية عن قوم معيّنين، كَرِهَ الراوي تسميتهم؛ لما يخاف مما يقع في نفوس ذراريّهم، وقيل: إن المكنيّ عنه هو الحكم بن أبي العاصي. انتهى.

وقال أيضًا: وقد وقع في أصل كتاب مسلم موضعَ "فلان" أبيض، لَمْ يُكتب عليه شيءٌ، بياضٌ، ثم كَتَبَ بعضُ الناس فيه "فلان" على سبيل الإصلاح، و"فلان" كناية عن اسمٍ عَلَمٍ، ولهذا وقع لبعض رواته: "إن آل أبي - يعني فلان - ولبعضهم: "إن آل أبي فلان" بالجزم. انتهى (٢).


(١) "الفتح" ١٠/ ٤٣٤.
(٢) "المفهم" ١/ ٤٦١ بزيادة من "الفتح" ١٠/ ٤٣٣.