وضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل المؤمن والمسلم بالنخلة (١)، ولو زال شيء من فروع النخلة من ثمرها، لم يَزُل بذلك عنها اسم النخلة بالكلية، وإن كانت ناقصة الفروع أو الثمر.
ولم يذكر الجهاد في حديث ابن عمر هذا، مع أن الجهاد أفضل الأعمال، وفي رواية إن ابن عمر قيل له: فالجهاد؟ قال: الجهاد حسن، ولكن هكذا حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَرَّجه الإمام أحمد.
وفي حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "إن رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة وذِرْوَة سنامه الجهاد"، وذروةُ سنامه أعلى شيء فيه، ولكنه ليس من دعائمه، وأركانه التي بُنِيَ عليها، وذلك لوجهين:
[أحدهما]: أن الجهاد فرض كفاية، عند جمهور العلماء، ليس بفرض عين، بخلاف هذه الأركان.
[والثاني]: أن الجهاد لا يستمرّ فعله إلى آخر الدهر، بل إذا نزل عيسى عليه السلام، ولم يَبْقَ حينئذٍ ملةٌ إلا ملةُ الإسلام، فحينئذٍ تَضَعُ الحرب أوزارها، ويُستَغْنى عن الجهاد، بخلاف هذه الأركان، فإنها واجبة على المؤمنين إلى أن يأتي أمر الله، وهم على ذلك. والله سبحانه وتعالى أعلم.
انتهى كلام ابن رجب رحمه الله تعالى، وهو تحقيقٌ نفيس، وبحثٌ أنيس. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبسندنا المتّصل إلى المؤلف رحمه الله تعالى المذكور في أول الكتاب قال: