قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن ما قاله السهيليّ، وهو أيضًا موافقٌ لما قاله النوويّ هو أحسن الأجوبة.
وحاصله أن ذلك الوقت الذي سأل فيه عكاشة كان وقت إجابة، وعلمه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالوحي، ثم انقضى ذلك الوقت، فسأل الثاني، فأجابه بما أجابه به.
ونظير ذلك ما وقع لأبي هريرة - رضي الله عنه -، وصاحبيه، فقد أخرج النسائيّ في "كتاب العلم" من "سننه الكبرى" بسند جيّد - كما قال الحافظ - أن رجلًا جاء إلى زيد بن ثابت - رضي الله عنه -، فسأله، فقال له زيد: عليك أبا هريرةَ، فإني بينما أنا، وأبو هريرة، وفلان في المسجد ندعو الله، ونذكر ربّنا، إذ خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جلس إلينا، فسكتنا، فقال:"عودوا للذي كنتم فيه"، فقال زيد: فدعوت أنا وصاحبي قبل أبي هريرة، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُؤَمّن على دعائنا، ثم دعا أبو هريرة، فقال: اللهم إني أسألك ما سألك صاحباي هذان، وأسالك علمًا لا يُنسَي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "آمين"، فقلنا: يا رسول الله، ونحن نسأل الله علمًا لا يُنسي، فقال:"سبقكم بها الغلام الدَّوسيّ"(١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا في "الإيمان"[١٠٠/ ٥٢٦ و ٥٢٧ و ٥٢٨،](٢١٦) و [١٠٠/ ٥٢٩](٢١٧)، و (البخاريّ) في "اللباس"(٥٨١١)، و"الرقاق"(٦٥٤٢)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٣٠٢ و ٣٥١ و ٤٠٠ و ٤٠١ و ٤٥٦ و ٥٠٢)، و (الدارميّ) في "سننه"(٢/ ٣٢٨)، و (ابن منده) في "الإيمان"(٩٧٠ و ٩٧١ و ٩٧٢ و ٩٧٣ و ٩٧٤ و ٩٧٥)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٥١٩ و ٥٢٠ و ٥٢١ و ٥٢٢)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٧٢٤٤)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(١٥/ ١٣٩)، و (البغويّ) في "شرح السنّة"(٤٣٢٣)، والله تعالى أعلم.
(١) راجع: "السنن الكبرى" للنسائيّ ٣/ ٤٤٠ رقم (٥٨٧٠).