للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): أن صحابيّه - رضي الله عنه - أحد العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة، والمشهورين بالفتوى، وكان يلقّب بالبحر والحبر؛ لسعة علمه - رضي الله عنه -، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

عن حُصين بن عبد الرَّحمن، أنه (قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ رَأَى الْكَوْكَبَ الَّذِي انْقَضَّ) - بالقاف، والضاد المعجمة -: أي مال للسقوط، قال الجوهريّ - رَحِمَهُ اللهُ -: انقضّ الحائط: أي سقط، وانقضّ الطائر: هَوَى في طيرانه، ومنه انقضاض الكواكب، ولم يستعملوا من تَفَعَّلَ إلَّا مُبدلًا، قالوا: تقضّى، فاستثقلوا ثلاث ضادات، فأبدلوا من إحداهنّ ياءً، كما قالوا: تَظَنَّى من الظّنّ، قال العَجاجُ [من الرجز]:

تَقَضِّيَ الْبَازِ إِذَا الْبَازِي كَسَرْ (١)

وقال المجد - رَحِمَهُ اللهُ -: انقضّ الجدار: تصدَّع، ولم يَقَعْ بعدُ، كانقاضّ انقضاضًا، وانقضّت الخيلُ عليهم: انتشرت، وانقضَّ الطائر: هَوَى لِيَقَعَ. انتهى (٢).

وقال الفيّوميّ: انقضَّ الطائر: هَوَى في طيرانه، وانقضَّ الشيءُ: انكسر، ومنه انقضّ الجدار: إذا سقط، وبعضهم يقول: انقضّ: إذا تصدّع، ولم يسقُط، فإذا سقط قيل: انهار، وتهوَّر. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تلخّص مما سبق أن المعنى المناسب هنا هو الميل للسقوط، كما قال الجوهريّ: ومنه انقضاض الكواكب، لا السقوط كما قال النوويّ في شرحه؛ لأن الكوكب ما سقط إلى الأرض، وإنما انتشر في السماء، ومال إلى السقوط، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

(الْبَارِحَةَ؟) هي أقرب ليلة مَضَت، قال أبو العباس ثعلب: يقال قبلَ الزوال: رأيت الليلة، وبعد الزوال: رأيت البارحةَ، وهكذا قاله غير ثعلب، قالوا: وهي مشتقة من بَرِحَ من باب تَعِبَ بَرَاحًا: إذا زالَ من مكانه، وقد ثبت


(١) "الصحاح" ٣/ ٩٢٦.
(٢) "القاموس المحيط" ص ٥٨٩٦.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٥٠٧.