للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في "صحيح مسلم" في "كتاب الرؤيا": أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى الصبح (١) قال: "هل رأى أحد منكم البارحةَ رؤيا" (٢).

قال حصين (قُلْتُ: أَنَا) مبتدأ حُذف خبره لدلالة السؤال عليه: أي أنا رأيته (ثُمَّ قُلْتُ: أَمَا) بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، قال ابن هشام - رَحِمَهُ اللهُ - في "مغنيه": "أَمَا" بالفتح، والتخفيف على وجهين:

[أحدهما]: أن تكون حرف استفتاح بمنزلة "إلا"، وإذا وقعت "إِنَّ" بعدها كُسِرَت، كما تُكْسَرُ بعد "ألا" الاستفتاحيّة.

[الثاني]: أن تكون بمعنى "حَقًّا"، وهذه تُفتح "أَنَّ" بعدها، كما تُفتح بعد "حقًّا". انتهى كلامه باختصار (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: "أمَا" هنا تحتمل الوجهين، إن صحّت الرواية بهما، فيجوز كسر "إن" وفتحها، على التقديرين، لكن الذي وقع في النسخ المطبوعة الموجودة عندنا بكسر الهمزة، فينبغي التقيّد به، إلى أن يثبت الفتح، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

أداة استفتاح وتنبيه، مثلُ "إلا" (إِنِّي) بكسر الهمزة؛ لوقوعها بعد "أما"، وهي كـ "إلا"، كما في قوله: {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ} [البقرة: ١٣]، (لَمْ أَكُنْ فِي صَلَاةٍ) أي لَمْ يكن سهري من أجل صلاة الليل، وأراد أن ينفي عن نفسه تزكيتها بالعبادة، والسَّهَر في الصلاة، مع أنه لَمْ يكن فيها (وَلَكِنِّي لُدِغْتُ) بالبناء للمفعول، وهو بالدال المهملة، والغين المعجمة، قال أهل اللغة: يقال: لَدَغته العقرب والحيَّة، وذوات السُّموم، من باب مَنَعَ: إذا أصابته بِسُمّها، وذلك بأن تَأَبُرَه بشوكتها (٤).

(قَالَ) سعيد (فَمَاذَا صَنَعْتَ؟) أي: أيَّ شيء صنعتَ؟ أتداويت، أم صبرت


(١) هذا الحديث صريح في خلاف ما قاله ثعلب، فتأمّل، والله تعالى أعلم.
(٢) "شرح النوويّ" ٣/ ٩٣، بزيادة من "المصباح" ١/ ٤٢.
(٣) "مغني اللبيب" ١/ ٥٤ - ٥٥ تحقيق محمد محعي الدين عبد الحميد.
(٤) يقال: أَبَرَت العقرب تأبِر من بابي ضرب، ونصر: لدغته بإبرتها: أي طرف ذنبها. اهـ. "القاموس" بإيضاح، ص ٣٠٨.