قال: وقد اختَلَف العلماء في وقت وضع كلّ ذات حمل حملها وغيره من المذكور، فقيل: عند زلزلة الساعة قبل خروجهم من الدنيا، وقيل: هو في القيامة، فعلى الأول هو على ظاهره، وعلى الثاني يكون مجازًا؛ لأن القيامة ليس فيها حَمْلٌ، ولا ولادة، وتقديره: ينتهي به الأهوال والشدائد إلى أنه لو تُصُوِّرت الحوامل هناك لوضعن أحمالهن، كما تقول العرب: أصابنا أمرٌ يَشِيب منه الوليد، يريدون شدته، والله تعالى أعلم. انتهى (١).
وقال في "الفتح": ظاهره أن ذلك يقع في الموقف.
وقد استُشْكِل بأن ذلك الوقت لا حمل فيه، ولا وَضْعَ، ولا شيب، ومن ثَمّ قال بعض المفسرين: إن ذلك قبل يوم القيامة، لكن الحديث يَرُدّ عليه.
وأجاب الكرماني: بأن ذلك وقع على سبيل التمثيل والتهويل، وسبق إلى ذلك النوويّ، فقال: فيه وجهان للعلماء، فذكرهما، وقال: التقدير أن الحال يَنتهي إلى أنه لو كانت النساء حينئذ حوامل لوضعت، كما تقول العرب: أصابنا أمر يشيب منه الوليد.
وقال الحافظ: يَحْتَمِل أن يُحْمَل على حقيقته، فإن كلّ أحد يُبعَث على ما مات عليه، فتبعث الحامل حاملًا، والمرضع مرضعة، والطفل طفلًا، فإذا وقعت زلزلة الساعة، وقيل ذلك لآدم، ورأى الناس آدم، وسمعوا ما قيل له، وَقَعَ بهم من الوَجَل ما يَسقُط معه الحمل، ويشيب له الطفل، وتَذْهَل به المرضعة.
ويحتمل أن يكون ذلك بعد النفخة الأولى، وقبل النفخة الثانية، ويكون خاصًّا بالموجودين حينئذ، وتكون الإشارة بقوله:"فذاك" إلى يوم القيامة، وهو صريح في الآية، ولا يَمنع من هذا الحمل ما يُتَخَيَّل من طول المسافة بين قيام الساعة، واستقرار الناس في الموقف، ونداء آدم لتمييز أهل الموقف؛ لأنه قد