ثَبَتَ أن ذلك يقع متقاربًا، كما قال الله تعالى: {لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤)} [المرسلات: ١٣، ١٤]، يعني: أرض الموقف، وقال تعالى: {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا (١٧) السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} [المزمل: ١٧، ١٨].
والحاصل: أن يوم القيامة يُطلق على ما بعد نفخة البعث من أهوالٍ وزلزلةٍ وغير ذلك إلى آخر الاستقرار في الجَنَّة أو النار.
وقريبٌ منه ما أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو في أشراط الساعة إلى أن ذكر النفخ في الصور إلى أن قال:{ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}[الزمر: ٦٨]، ثم يقال: أخرجوا بعث النار … ، فذكره، قال:"فذاك يوم يجعل الولدان شيبًا"، ووقع في حديث الصور الطويل عند علي بن معبد وغيره ما يُؤَيِّد الاحتمال الثاني، وفيه بعد قوله:"وتضع الحوامل ما في بطونها، وتشيب الولدان، وتتطاير الشياطين، فبينما هم كذلك إذ تصدعت الأرض، فيأخذهم لذلك الكرب والهول … ثم تلا الآيتين من أول الحج … " الحديث.
قال القرطبيّ في "التذكرة": هذا الحديث صححه ابن العربي، فقال: يوم الزلزلة يكون عند النفخة الأولي، وفيه ما يكون فيه من الأهوال العظيمة، ومن جملتها ما يقال لآدم، ولا يلزم من ذلك أن يكون ذلك متصلًا بالنفخة الأولى، بل له محملان:
[أحدهما]: أن يكون آخر الكلام منوطًا بأوله، والتقدير: يقال لآدم ذلك في أثناء اليوم الذي يشيب فيه الولدان، وغير ذلك.
[وثانيهما]: أن يكون شيب الولدان عند النفخة الأولى حقيقةً، والقول لآدم يكون وصفه بذلك إخبارًا عن شدته، وإن لَمْ يوجد عين ذلك الشيء.
وقال القرطبيّ: يحتمل أن يكون المعنى: أن ذلك حين يقع لا يُهِمّ كلَّ أحد إلَّا نفسُهُ حتى إن الحامل تُسقط من مثله، والمرضعة … إلخ.
ونُقل عن الحسن البصري في هذه الآية: المعنى: أن لو كان هناك مرضعة لذَهِلت، وذكر الْحَلِيميّ، واستحسنه القرطبيّ أنه يحتمل أن يُحيي الله حينئذ كلَّ حمل كان قد تم خلقه، ونُفخت فيه الروح، فتَذْهَل الأم حينئذ عنه؛ لأنَّها لا تقدر على إرضاعه؛ إذ لا غذاء هناك ولا لبن، وأما الحمل الذي لَمْ