للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ماله، طيبةً بها نفسه، رافدةً عليه في كل عام"، وذكر الحديث، أخرجه أبو داود (١).

وقد تقدّم قريبًا حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - فيمن أَدَّى زكاة ماله طَيِّبَةً بها نفسه، قال: وكان يقول: لا يفعل ذلك إلا مؤمنٌ.

وسبب هذا أن المال تُحِته النفوس، وتَبْخَل به، فإذا سَمَحَت بإخراجه لله عز وجل دَلَّ ذلك على صحة إيمانها بالله، ووعده ووعيده، ولهذا مَنَعَت العربُ الزكاةَ بعد النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقاتلهم الصديق - رضي الله عنه - على منعها، والصلاة أيضًا برهان على صحة الإسلام.

وأخرج الإمام أحمد (٢)، والترمذيّ من حديث كعب بن عُجْرَة - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الصلاة برهان" (٣).

وقد تقدّم في شرح حديث: "أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة" متّفق عليه، أن الصلاة هي الفارقة بين الكفر والإسلام والإيمان، وهي أيضًا أولُ ما يُحاسب به المرء يوم القيامة، فإن تمّت صلاته فقد أفلح وأنجح، وقد سبق حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - فيمن حافظ عليها أنها تكون له نورًا، وبرهانًا، ونجاةً يوم القيامة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثامنة): في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "والصبر ضياء"، والضياء هو النور الذي يَحصل فيه نوع حرارة وإحراق، كضياء الشمس، بخلاف القمر، فإنه نورٌ محضٌ، فيه إشراق بغير إحراق، قال الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً


(١) رجاله ثقاتٌ، ولكن في سنده انقطاع بين يحيى بن جابر، وبين جُبير بن نُفير، ورواه موصولًا بسند صحيح الطبرانيّ في "الصغير" (٥٥٥)، والفسويّ في "المعرفة والتاريخ"١/ ٢٦٩، ومن طريقه البيهقيّ ٤/ ٩٥ - ٩٦.
(٢) ليس عند أحمد من حديث كعب بن عجرة، وإنما هو من حديث جابر - رضي الله عنه - بسند صحيح، (١٤٠٣٢) وهو حديث طويل، وفيه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا كعب بن عجرة الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة، والصلاة قربان".
(٣) أخرجه الترمذيّ (٦١٤) وقال: حسنٌ غريب.