للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بشيء مغاير للطُهُور؛ إذ لا بدّ من ملابسة الصلاة بما يُغاير الطهور، بل المراد ضدّ الطهور؛ حملًا لمطلق المغايرة على الكامل، وهو الحدث (١).

والمراد بالطهور ما هو أعمّ من الوضوء والغسل، قاله في "الفتح" (٢).

(وَلَا صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ) أي ولا تُقبل صدقة من مالٍ حرام، و"الصدقة": هي العطيّة التي يريد صاحبها الثواب من الله تعالى، وهي نكر في سياق النفي، فتعمّ الفرض والنفل، والغرض منها طهارة النفس من رَذِيلة البخل والقسوة، وعودُ البركة على المال، كما قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: ١٠٣] (٣).

و"الْغُلُول" - بضم الغين المعجمة - مصدر غَلَّ يَغُلّ، من باب قَعَد، وأغلّ بالألف لغةٌ: إذا خان في المغنم وغيره، وقال ابن السّكّيت: لم نسمع في المغنم إلا غَلَّ ثلاثِيًّا، وهو متعدّ في الأصل، لكن أُميت مفعوله، فلم يُنطَق به. انتهى (٤).

وقال بعضهم: "الغلول": السرقة من مال الغنيمة قبل القسمة، ويُطلق أيضًا على أخذ مال الغير خُفْيةً مُطلقًا، من غنيمة، أو غيرها، والمراد هنا مطلق المال الحرام، أُخذ خُفيةً أم لا؟، وسُمّي غُلُولًا؛ لأن الأيدي يُجعَل فيها الغلّ بسببه، و"الغُلُّ": الحديدة التي تَجمَع يد الأسير إلى عنقه.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: المراد أن كلّ مال يأخذه الشخص من غير حلّه، ثم يتصدّق به لا تُقبل منه تلك الصدقة، ولو نوى التصدّق عن صاحبها، ولا تسقط عنه تبعته - اللهم إلا إذا رَضي صاحبه، وجعله في حلّ من ذلك (٥).

(وَكُنْتَ عَلَى الْبَصْرَةِ) أي كنت واليًا عليها، ومعنى كلام ابن عمر - رضي الله عنه - هذا أنك لست بسالم من الغلول، فقد كنتَ واليًا على البصرة، وتعَلَّقت بك تَبِعاتٌ من حقوق الله تعالى، وحقوق العباد، ولا يُقْبَل الدعاء لمن هذه صفته، كما لا تقبل الصلاة والصدقة إلا من مُتَصَوِّن.


(١) راجع "شرح السنديّ على النسائيّ" ١/ ٨٨.
(٢) "الفتح" ١/ ٢٨٣.
(٣) راجع "المنهل العذب المورود" ١/ ٢٠٧.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٤٥٢.
(٥) راجع "شرحي للنسائي" ٣/ ٣١٨.