للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وحمل الحديث على التشبيه، وقال: الطواف كالصلاة في الثواب دون الحكم، ثم قال: ألا ترى أن الانحراف، والمشي في الطواف لا يُفسده. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: ما ذهب إليه الكرمانيّ من الاستدلال بهذا الحديث على وجوب الطهارة للطواف هو الحقّ عندي؛ لوضوحه، وأما ردّ العينيّ عليه، ففيه نظر لا يخفى؛ إذ لا دليل على حمله على الثواب، بل الظاهر حمله على الحكم والثواب معًا، بل حمله على الحكم أوضح؛ لقوله: "إلا أنكم تتكلمون"، فاستثناؤه إباحة الكلام من أحكامه دليل على أنه أراد الحكم، وأما قوله: "ألا ترى أن الانحراف. . إلخ"، فليس بشيء؛ لأن الانحراف والمشي يجوز في الصلاة في بعض حالاتها، مثل حالة الخوف، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

٣ - (ومنها): أنه يدلّ على بطلان الصلاة بالحدث، سواء كان خروجه اختيارًا، أم اضطرارًا؛ لعدم تفريقه - صلى الله عليه وسلم - بين حالة وحالة، وقد حُكي عن مالك، والشافعيّ في القديم، وغيرهما أنه إذا سبقه الحدث يتوضّأُ، ويَبني على صلاته، لكن إطلاق الحديث يردّه (١)، فتأمله، والله تعالى أعلم.

٤ - (ومنها): بطلان الصدقة من الغلول، وعدم قبولها، فإذا بطلت الصدقة بسبب ما يقارنها من المعاصي بنصّ قوله عز وجل: {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: ٢٦٤] فلأن تبطل بكونها مالًا حرامًا من بابٍ أولى؛ إذ التصدّق من غُلول يجعل الصدقة عين المعصية؛ لأن الغالّ في دفعه المال للفقير غاصبٌ معتدٍ بتصرّفه في ملك الغير بغير إذنه، فهو آثم باستيلائه على المال، وآثم بتصرّفه بالتصدّق؛ لأن الواجب على من أخذ مال غيره بغير إذن شرعيّ أن يردّه إليه، أو إلى ورثته، ولا يُغني عنه التصدّق به شيئًا، والله تعالى أعلم.

٥ - (ومنها): تحريم الطاعة بالمال الحرام مطلقًا، وهو كلّ ما أخذ من


= في "صحيحه" عن طاوس، عن ابن عباس، رفعه إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بلفظ: "إن الطواف بالبيت مثل الصلاة، إلا أنكم تتكلمون، فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير".
(١) راجع "الأعلام بفوائد عمدة الأحكام" ١/ ٢٢٤.