غير وجه شرعيّ، قيل: ويدخل فيه صدقة المرأة من مال زوجها بغير رضاه، وصدقة العبد من مال سيّده بغير إذنه.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا فيما إذا كان على وجه الإفساد، بأن كان كثيرًا، لا يُتسامح فيه، أو كان الزوج والسيّد محتاجًا إليه؛ لفقره، ونحوه، وإلا فلا يحرم؛ لما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، مرفوعًا:"إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها عن غير أمره، فلها نصف أجره".
وأخرجا أيضًا من حديث عائشة - رضي الله عنها -، مرفوعًا:"إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها، غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما كسب، وللخازن مثل ذلك، لا يَنقُص بعضهم من أجر بعض"، والله تعالى أعلم.
ويدخل أيضًا صدقة الوكيل من مال موكّله، والشريك من مال شريكه، والوصيّ الذي وُكِل إليه التصدّق بمال، فأنفقه على نفسه، أو أخرجه في غير مصرفه، ونُظّار الأوقاف الذين يتناولون من رَيعِها من غير استحقاق، ثم يتصدّقون بها، أو يَصرِفون رَيعها في غير مصرفه.
ومن هذا قالوا: إن من أخذ مال غيره بلا وجه شرعيّ لزمه ردّه لصاحبه إن كان حيًّا، وإلا ردّه على ورئته، فإن لم يكن له ورثةٌ يتصدّق به عنه، ويُرجَى له الخلاص يوم القيامة، وكذا إذا لم يَدْرِ صاحبه، أو استولى عليه بعقد فاسد، ولم يتمكّن من فسخه، فإنه يتصدّق به على الفقراء تخلّصًا من الحرام، لا طمعًا في الثواب؛ إذ لا ثواب فيه؛ لهذا الحديث، ولقوله عز وجل:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}[البقرة: ٢٦٧](١).
٦ - (ومنها): ما قيل: الحكمةُ في جمعه - صلى الله عليه وسلم - بين الصلاة والصدقة في هذا الحديث أن العبادة نوعان: بدنيّ، وماليّ، فاختار من البدنيّ الصلاةَ؛ لكونها تالية الإيمان في الكتاب والسنّة، ولكونها عماد الدين، والفارقة بين الإسلام والكفر، واختار من الماليّ الصدقة؛ لكثرة نفعها، وعموم خيرها، ولكون كلّ منهما محتاجًا إلى الطهارة، أما الصلاة فلاحتياجها إلى طهارة