الخطاب - رضي الله عنه -، قال: لما كان يومُ خيبر أقبل نفرٌ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: فلان شهيد، وفلان شهيد، حتى أَتَوْا على رجل، فقالوا: فلان شهيد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كلا، إني رأيته في النار، في بُرْدَة غَلّها، أو عباءة"، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اذهب فناد في الناس: إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون"، قال: فناديت: إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في مذاهب أهل العلم في حكم الطهارة للصلاة:
قال النوويّ رحمه الله تعالى: هذا الحديث نَصٌّ في وجوب الطهارة للصلاة، وقد أجمعت الأمة على أن الطهارة شرط في صحة الصلاة.
قال القاضي عياض: واختلفوا متى فُرضت الطهارة للصلاة، فذهب ابن الجهم إلى أن الوضوء في أول الإسلام كان سنةً، ثم نزل فرضه في آية التيمم، وقال الجمهور: بل كان قبل ذلك فرضًا.
قال: واختلفوا في أن الوضوء فرض على كل قائم إلى الصلاة، أم على المحدث خاصة؟ فذهب ذاهبون من السلف إلى أن الوضوء لكل صلاة فرض، بدليل قوله تعالى:{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ}[المائدة: ٦].
وذهب قوم إلى أن ذلك قد كان، ثم نُسِخ، وقيل: الأمر به لكل صلاة على الندب، وقيل: بل لم يُشرَع إلا لمن أَحدث، ولكن تجديده لكل صلاة مستحبّ، وعلى هذا أجمع أهل الفتوى بعد ذلك، ولم يَبْقَ بينهم فيه خلاف.
ومعنى الآية عندهم: إذا كنتم مُحدِثين. هذا كلام القاضي رحمه الله تعالى.
واختَلَفَ أصحابنا - يعني الشافعيّة - في الموجب للوضوء على ثلاثة أوجه:
[أحدها]: أنه يجب بالحدث وجوبًا موسعًا.
[والثاني]: لا يجب إلا عند القيام إلى الصلاة.
(١) راجع "تفسير ابن كثير ١/ ٤٢٢ - ٤٢٥ في تفسير هذه الآية، فقد أفاض هناك، وأجاد.