وأجمعت الأمة على تحريم الصلاة بغير طهارة، من ماء، أو تراب، ولا فرق بين الصلاة المفروضة، والنافلة، وسجود التلاوة، والشكر، وصلاة الجنازة، إلا ما حُكِيَ عن الشعبي، ومحمد بن جرير الطبريّ، من قولهما: تجوز صلاة الجنازة بغير طهارة، وهذا مذهب باطل، وأجمع العلماء على خلافه.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: بطلان هذا المذهب واضح؛ فإنه مخالف للنصوص الكثيرة، التي أوجبت الطهارة للصلاة، كحديث الباب، فإن صلاة الجنازة صلاة من غير شكّ، فقد سماها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صلاةً في أحاديث كثيرة، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من صلى على الجنازة"، متّفقٌ عليه، وقال:"صَلُّوا على صاحبكم"، وقال:"صَلُّوا على النجاشي"، وكلها في "الصحيح"، وغير ذلك من الأحاديث، فقد سماها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صلاةً، فتشملها نصوص إيجاب الطهارة للصلاة.
والحاصل أنه لا يجوز أن يصلى على الجنازة إلا على طهارة، والله تعالى أعلم.
قال: ولو صَلَّى محدثًا متعمدًا بلا عذر أَثِمَ، ولا يكفر عندنا، وعند الجماهير، وحُكِي عن أبي حنيفة رحمه الله أنه يَكْفُر؛ لتلاعبه، ودليلنا أن الكفر للاعتقاد، وهذا المصلي اعتقاده صحيح.
قال ابن الملقّن رحمه الله: وأبدى بعضهم في هذا الاستدلال نظرًا؛ للاتّفاق على تكفير من استهان بالمصحف استهانةً مخصوصة في الصورة المخصوصة. انتهى (١).
وسئل شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله: هل غسل الجنابة فرض، أو لا؟ وهل يجوز لأحد أن يصلي جنبًا، ولا يعيد؟.
فأجاب بأن الطهارة من الجنابة فرض، وليس لأحد أن يصلي جنبًا، ولا محدثًا حتى يتطهّر، ومن صلّى بغير طهارة شرعيّة مستحلًّا لذلك فهو كَافر، ولو