للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَتَوَضَّأَ) وقوله: (فَغَسَلَ كَفَّيْهِ) بيان وتفصيل لمعنى "توضّأ"، ثم الظاهر أنه غسلهما معًا، ويَحْتَمل أنه غسل كلّ واحدة منهما على حِدَتها، وقال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله: قوله: "غَسَلهما" قدرٌ مشترك بين كونه غسلهما مجموعتين، أو متفرّقتين، والفقهاء اختَلَفوا أيُّهما أفضل. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: الأولى غسلهما معًا، كما هو الظاهر من النصّ؛ لأنه أعون على إذهاب ما عساه يَعْلَقُ فيهما؛ لقوّة الدلك، وغسل كلّ واحدة على حدة فيه زيادة عَمَل بإفراد كلّ واحدة بطهارة، والله تعالى أعلم.

(ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) منصوب على أنه صفة لمصدر محذوف: أي غَسلًا ثلاث مرّات، وهذا التثليث مستحبّ بالإجماع (ثُمَّ مَضْمَضَ) المضمضة: تحريك الماء في الفم، قال في "اللسان": ومَضْمَضَ إناءه - بالضاد المعجمة - ومَصْمَصَه - بالصاد المهملة -: إذا حرّكه، وقيل: إذا غسله، والمضمضة: تحريك الماء في الفم، ومضمض الماء في فيه: حرّكه، وتمضمض به. انتهى.

وقال في "المصباح": ومَضْمَضتُ الماء في فمي: حرّكته بالإدارة فيه، وتمضمضتُ بالماء: فعلتُ ذلك، قال الفارابيّ: والمضمضة: صوت الحيّة ونحوها، ويقال: هو تحريكها لسانها. انتهى (٢).

وقال ابن دقيق العيد رحمه الله: أصل هذه اللفظة - يعني المضمضة - مشعر بالتحريك، ومنه مضمض النعاس في عينيه، واستُعملت في هذه السنّة - أعني المضمضة في الوضوء - لتحريك الماء في الفم، وقال بعض الفقهاء: المضمضة أن يجعل الماء في فيه، ثم يَمُجّه، هذا أو معناه، فأدخل المجّ في حقيقة المضمضة، فعلى هذا لو ابتلعه لم يكن مؤدّيًا للسنّة، وهذا الذي يكثُر في أفعال المتوضّئين - أعني الجعل والمجّ - ويمكن أن يكون ذكر ذلك بناء على أنه الأغلب والعادة، لا أنه يتوقّف تأدّي السنّة على مجّه، والله تعالى أعلم. انتهى (٣).

وقال في "الفتح": أصل المضمضة في اللغة: التحريك، ثم اشتهر


(١) "إحكام الأحكام" ١/ ١٦٨.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٧٥.
(٣) "إحكام الأحكام" ١/ ١٦٩ - ١٧١.