للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصغائر، ومن ليس له صغائر، ولا كبائر يُزاد في حسناته بنظير ذلك. انتهى (١).

[فإن قيل]: إذا كان الوضوء وحده مُكَفّرًا للصغائر، كما في حديث الصنابحيّ الذي في آخره: "حتى يخرج نقيًّا من الذنوب"، فما الذي يكفّره الوضوء مع صلاة النافلة؟، كما في حديث الباب، وإذا كانت هذه مكفّرة أيضًا، فما الذي تكفّره المكتوبات؟.

[أجيب]: بأن جميع ما ذُكر صالح للتكفير، فإن صادف شيء منها شيئًا من الذنوب المذكورة كفّره، وإلا كفّر بقدرها من الكبائر، فإن لم يوجد شيء من الصغائر، ولا الكبائر زيد في حسناته، كما تقدّم، والله تعالى أعلم.

(قَالَ ابْنُ شِهَابٍ) الزهريّ رحمه الله (وَكَانَ عُلَمَاؤُنَا) يعني الصحابة، وأكابر التابعين - رضي الله عنهم -؛ لأنه من صغار التابعين، أدرك نحو ثلاثة عشر من الصحابة، وأخذ من أكابر التابعين (يَقُولُونَ: هَذَا الْوُضُوءُ) الذي وُصف في حديث عثمان - رضي الله عنه - هذا (أَسْبَغُ مَا يَتَوَضَّأُ) بالبناء للفاعل (بهِ أَحَدٌ لِلصَّلَاةِ) قال النوويّ رحمه الله معناه: هذا أتم الوضوء، وقد أجمع العلماء على كراهة الزيادة على الثلاث، والمراد بالثلاث المستوعبة للعضو، وأما إذا لم تستوعب العضو إلا بغَرفتين فهي غسلةٌ واحدةٌ، ولو شك هل غَسَل ثلاثًا أم اثنتين؟ جَعَل ذلك اثنتين، وأَتَى بثالثة، هذا هو الصواب الذي قاله الجماهير من أصحابنا - يعني الشافعيّةَ - وقال الشيخ أبو محمد الْجُوَينيّ من أصحابنا: يَجْعَل ذلك ثلاثًا، ولا يزيد عليها؛ مخافةً من ارتكاب بدعة بالرابعة، والأول هو الجاري على القواعد، وإنما تكون الرابعة بدعةً ومكروهةً إذا تعمد كونها رابعة، والله أعلم.

وقد يَسْتَدِلُّ بقول ابن شهاب هذا مَن يَكْرَه غسل ما فوق المرفقين والكعبين، وليس ذلك بمكروه عندنا، بل هو سنة محبوبة. وسيأتي بيانها في بابها - إن شاء الله تعالى - ولا دلالة في قول ابن شهاب على كراهته، فإن مراده العدد كما قدمناه، ولو صَرَّح ابن شهاب أو غيره بكراهة ذلك كانت سنة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الصحيحة مقدمة عليه. انتهى كلام النوويّ رحمه الله، وهو تحقيقٌ نفيسٌ،


(١) "الفتح" ١/ ٣١٣.