للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يريان أن يأخذ المتوضئ ماءً جديدًا لأذنيه، وكذلك قال أحمد.

قال ابن المنذر رحمه الله: وغير موجود في الأخبار الثابتة التي فيها صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذه لأذنيه ماءً جديدًا، بل في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه غَرَف غَرْفةً، فمسح برأسه وأذنيه داخلهما بالسبابتين، وخالف بإبهاميه إلى ظاهر أذنيه، فمسح ظاهرهما وباطنهما (١).

وقد كان ابن عمر يُشَدِّد على نفسه في أشياء، من أمر وضوئه، من ذلك أخذه لأذنيه ماءً جديدًا، ونضحه الماء في عينيه، وغسل قدميه سبعًا سبعًا، وليس على الناس ذلك. انتهى كلام ابن المنذر رحمه الله، وهو تحقيقٌ حسنٌ.

وحاصله أن مسح الأذنين يكون بماء الرأس، ولا حاجة لتجديد الماء له، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة عشرة): في اختلاف أهل العلم في غسل الرجلين إلى الكعبين:

قال الإمام ابن المنذر رحمه الله: قد أجمع عوام أهل العلم على أن الذي يجب على من لا خُفّ عليه غسل القدمين إلى الكعبين، وقد ثبتت الأخبار بذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعن أصحابه - رضي الله عنهم -، وبه قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومالك، وأصحابه من أهل المدينة وغيرهم، وكذلك قال سفيان الثوريّ، والحسن بن صالح، وابن أبي ليلى، وأصحاب الرأي من أهل الكوفة، والأوزاعيّ، وسعيد بن عبد العزيز، ومن وافقهما من أهل الشام، والليث بن سعد، ومن تبعه من أهل مصر، وهو قول عبيد الله بن الحسن، ومن وافقه من أهل البصرة، وكذلك قال الشافعي وأصحابه، وأبو ثور وغيره، وهو قول أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي عبيد، وكلِّ مَن حَفِظتُ عنه من أهل العلم.

قال: فأما من قرأ {وَأَرْجُلَكُمْ} بالنصب، فلم يختلفوا أن معناه الغسل، وقد اختَلَف الذين قرأوها بالخفض، فمنهم من قال: معناه المسح على القدمين، ومنهم من قرأها كذلك، وأوجب غسلها بالسنة، وممن كان يقرأ


(١) حديث صحيحٌ، أخرجه أصحاب السنن.