للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لَمْ يَبْقَ غَيْرُ طَرِيدٍ غَيْرِ مُنْفَلِتٍ … أَوْ مُوثَقٌ فِي حِبَالِ الْقَدِّ مَسْلُوبِ

فخَفَضَ.

ومثله قول الآخر [من الخفيف]:

حَيِّ دَارًا أَعْلَامُهَا بِالْجَنَابِ (١) … مِثْلُ مَا لَاحَ فِي الأَدِيمِ الْكِتَاب

فجرّ "الكتاب" بالجوار لـ"أديم"، وموضعه الرفع بـ "لاح"، وقد يكون "الكتاب" مخفوضًا ردًّا على "ما" بدلًا منه.

وقد يُراد بالمسح الغسل، من قول العرب: تمسّحتُ للصلاة، والمراد الغسل، وعلى التأويل الذي ذكرنا في إيجاب غسل الرجلين جمهور العلماء، وجماعة فقهاء الآثار، وإنما رُوي مسح الرجلين عن بعض الصحابة والتابعين، وتعلّق به بعض المتأخّرين، ولو كان مسح الرجلين يُجزئ ما أتى الوعيد بالنار على من لم يَغسِل عقبيه، وعرقوبيه، أو فاته شيء من بطون قدميه؛ لأنه معلوم أنه لا يعذّب بالنار إلا على ترك الواجب، وقد أجمع المسلمون على أن من غسل قدميه فقد أدّى الواجب عليه، من قال منهم بالمسح، ومن قال بالغسل، فاليقين ما أجمعوا عليه. انتهى كلام ابن عبد البرّ رحمه الله (٢)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ. وقال أبو العبّاس القرطبيّ رحمه الله بعد ذكره الخلاف، وأن سبب الاختلاف هو اختلاف القراءة في {وَأَرْجُلَكُمْ} بالخفض والنصب، قال: وقد أكثر الناس في تأويل هاتين الآيتين، والذي ينبغي أن يقال: إن قراءة الخفض عطفٌ على الرأس، فهما يُمسحان، لكن إذا كان عليهما خفّان، وتلقّينا هذا القيد من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ لم يصحّ عنه أنه مسح رجليه إلا وعليهما خفّان، والمتواتر عنه غسلهما، فبيَّن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بفعله الحال الذي تُغسل فيه الرجل، والحال الذي تُمسح فيه، فليُكْتَفَ بهذا، فإنه بلغ. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (٣)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا.

وقال العلّامة ابن أبي العزّ في "شرح العقيدة الطحاوية" (١/ ٤٣٥) - عند قولها: "ونرى المسح على الخفّين في السفر والحضر، كما جاء في الأثر" - ما نصه:


(١) اسم موضع.
(٢) "الاستذكار" ٢/ ٤٧ - ٥١.
(٣) "المفهم" ١/ ٤٩٦.