للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هذا كلّه على تقدير أن يكون أبو عثمان هذا هو حَرِيز بن عثمان، وإلا فالأكثرون على أنه مجهول، كما سبق البحث عنه مستوفًى، والله تعالى أعلم.

(عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ) بتصغير الاسمين (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ) - رضي الله عنه - أنه (قَالَ: كَانَتْ عَلَيْنَا رِعَايَةُ الإِبِلِ) "الرعاية" - بكسر الراء - وهي الرَّعْيُ، يقال: رعت الماشيةُ تَرْعَى رَعْيًا ورِعَايَةً، وارْتَعَتْ، وتَرَعَّتْ: إذا سَرَحَت بنفسها، ورعاها صاحبها، وأرعاها، يُستعمل لازمًا ومُتعدّيًا (١).

قال النوويّ - رحمه الله -: معنى هذا الكلام أنهم كانوا يتناوبون رَعْيَ إبلهم، فيجتمع الجماعة، ويَضُمُّون إبلهم بعضَها إلى بعضٍ، فيرعاها كلَّ يوم واحدٌ منهم؛ ليكون أرفق بهم، وينصرف الباقون في مصالحهم (٢).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "رِعاية الإبل" يعني إبل الصدقة المنتظر تفريقها، أو الإبل الْمُعَدَّة لمصالح المسلمين. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: على تفسير النوويّ يكون المعنى نقوم بخدمة أنفسنا، وليس لنا خادم يَرْعَى إبلنا، وعلى تفسير القرطبيّ يكون المعنى: كانت علينا أنا وجماعة رعاية إبل الصدقة بالتناوب، فجاءت نوبتي.

والصواب تفسير النوويّ؛ لما في رواية أبي داود في "سننه": عن عقبة بن عامر قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خُدّام أنفسنا، نتناوب الرعاية، رعاية إبلنا، فكانت عليّ رعاية الإبل، فروّحتها بالعشيّ … الحديث، فقد صرّح في هذا أنهم يرعون إبلهم، لا إبل الصدقة، والله تعالى أعلم.

(فَجَاءَتْ نَوْبَتِي) بفتحٍ النون، وسكون الواو: اسم من المناوبة، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: وناوبته مناوبةً بمعنى ساهمته مُساهمةً، والنَّوْبةُ اسم منه، والجمع نُوَبٌ، مثلُ قَرْيَةٍ وقُرًى، وتناوبوا عليه: تَدَاوَلُوه بينهم، يفعله هذا مرَّةً، وهذا مرَّةً. انتهى (٤).


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٣١ و"القاموس المحيط" ص ١١٦٠.
(٢) "شرح النوويّ" ٣/ ١٢٠ - ١٢١.
(٣) "المفهم" ١/ ٤٩٤.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٦٢٩.