للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن الوقف وإن كان راجحًا على الرفع، إلا أنه في مثل هذا له حكم الرفع؛ لأن مقادير الثواب لا تُعْرَف إلا بالتوقيف من النبيّ - صلي الله عليه وسلم -، فالظاهر أن الصحابيّ سمعه منه - صلى الله عليه وسلم -.

وقد صحّح الشيخ الألبانيّ - رحمه الله - رفع هذه الزيادة، فراجع "صحيح الترمذيّ" برقم (٥٥) و"صحيح ابن ماجه" برقم (٤٧٠)، والظاهر أن الوقف أرجح، لكن الحكم هو ما ذكرته آنفًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): أنه لم يثبت من أحاديث الأذكار والدعاء في الوضوء غير التسمية في أوله على ما قيل، وقول: "أشهد أن لا إله إلا الله .. إلخ" في آخره.

قال الإمام ابن القيّم - رحمه الله -: كلُّ حديث في أذكار الوضوء الذي يقال عليه، فكَذِبٌ مُختَلَقٌ، لم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا منه، ولا عَلَّمه لأمته، ولا يثبتُ عنه غير التسمية في أوله، وقول: "أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوّابين، واجعلني من المتطهّرين" في آخره، وفي حديث آخر عند النسائيّ في "عمل اليوم والليلة" مما يقال بعد الوضوء أيضًا من حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - مرفوعًا: "سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك، وأتوب إليك" (١). انتهى كلام ابن القيّم - رحمه الله - (٢).

وقال الحافظ في "التلخيص الحبير" (١/ ١٠٠) عند قوله: من السنن المحافظة على الدعوات الواردة في الوضوء، فيقول في غسل الوجه: "اللهم بيّض وجهي يوم تَبْيَضُّ وجوه، وتَسْوَدُّ وجوه"، وعند غسل اليد اليمنى: "اللهم أعطني كتابي بيميني، وحاسبني حسابًا يسيرًا"، وعند غسل اليسرى: "اللهم لا


(١) وصححه الحاكم - رحمه الله -، في "المستدرك" (١/ ٥٦٤) على شرط مسلم، ووافقه الذهبيّ - رحمه الله -، وصححه أيضًا الشيخ الألبانيّ - رحمه الله -. راجع كلامه في "إرواء الغليل" ٣/ ٩٣ - ٩٤.
(٢) "زاد المعاد" (١/ ١٩٥).