للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(مِئْهَا) أي من الإناء، وأنّثه بتأويله بالإداوة، أو المطهرة، وفي نسخة: "منه"، وهو واضح، وقال النوويّ - رحمه الله -: هكذا هو في الأصول بلفظ: "منها"، وهو صحيح؛ أي من الْمِطْهَرة، أو الإداوة. انتهى (١). (عَلَى يَدَيْهِ) ووقع في رواية البخاريّ: "فغسل يده" بالإفراد، فيُحمل على الجنس، فيكون المراد اليدين (فَغَسَلَهُمَا ثَلَاثًا) كذا في رواية خالد الطحّان هذه، ورواية وهيب وسليمان بن بلال عند البخاريّ، والدراورديّ عند أبي نعيم في "المستخرج"، فكلّهم ذكر "ثلاثًا"، ووقع في رواية مالك عند البخاريّ: "فغسل يده مرتين"، قال في "الفتح": وهؤلاء حُفّاظ، وقد اجتمعوا، فزيادتهم مقدمةٌ على الحافظ الواحد - يعني مالكًا - وسيأتي لمسلم من طريق بهز، عن وُهيب أنه سمع هذا الحديث مرتين من عمرو بن يحيى إملاءً، فتأكَّد ترجيح روايته، ولا يقال: يُحْمَل على واقعتين؛ لأنا نقول: المخرج مُتَّحِد، والأصل عدم التعدد.

وفيه من الأحكام غسل اليد قبل إدخالها الإناء، ولو كان من غير نوم، كما تقدَّم مثله في حديث عثمان - رضي الله عنه -، والمراد باليدين هنا الكفّان. انتهى (٢).

(ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ) أي في ذلك الإناء (فَاسْتَخْرَجَهَا، فَمَضْمَضَ، وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ) هكذا بالتأنيث؛ لأن الكفّ مؤنّثة، ووقع في بعض النسخ بلفظ "واحد" بالتذكير، وهو على تأويل الكفّ بالساعد، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: "الكفّ" من الإنسان وغيره أُنثى، قال ابن الأنباريّ: وزعم من لا يوثق به أن الكفّ مذكّرٌ، ولا يَعرِف تذكيرها من يوثق بعلمه، وأما قولهم: كفٌّ مُخَضَّبٌ، فعلى معنى ساعدٍ مُخضّب، قال: و"الكفّ": الراحة مع الأصابع، سُمّيت بذلك؛ لأنها تكُفّ الأذى عن البدن. انتهى (٣).

(فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا) هذا صريح في الجمع كلَّ مرّةٍ، بخلاف رواية وُهيب الآتية، بلفظ: "فمضمض، واستنشق، واستنثر من ثلاث غرفات"، فإنها يتطرقها


(١) "شرح النوويّ" ٣/ ١٢٢.
(٢) "الفتح" ١/ ٣٤٩.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٥٣٥ - ٥٣٦.