للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والثانية لغة بني تميم وقيس، وجاء الكتاب العزيز بهما، قال الله تعالى: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} [البقرة: ٢٨٢] وقال: {فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الفرقان: ٥] (١).

و"الإملاء" أعلى أنواع التحمّل؛ لما فيه من تَحَرِّي الشيخ والطالب؛ إذ الشيخ مشتغلٌ بالتحديث، والطالب مشتغلٌ بالكتابة عنه، فهما لذلك أبعد عن الغفلة، وأقرب إلى التحقيق، وتبيين الألفاظ مع جريان العادة بالمقابلة بعده.

وهو أيضًا أغلب أحوال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في تبليغه للصحابة؛ لأن الغالب أنه - صلى الله عليه وسلم - أخبر الناس ابتداءً، وأسمعهم ما جاءه من عند الله تعالى، وأما سؤال الصحابة - رضي الله عنهم -، وكذا تقريره لما جَرَى في حضرته، فمرتبة ثانية، وراجع في تمام هذا البحث ما كتبته في "شرح" ألفيّة السيوطيّ - رحمه الله - في الحديث (٢).

[تنبيه]: رواية وُهيب هذه التي أحالها المصنّف على رواية الرواة الثلاثة المتقدّمين، ساقها الإمام البخاريّ - رحمه الله - أيضًا في "صحيحه"، فقال:

(١٨٦) حدّثنا موسى (٣)، قال: حدّثنا وُهيب عن عمرو، عن أبيه: شهدت عمرو بن أبي حسن، سأل عبد الله بن زيد عن وضوء النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فدعا بِتَوْر من ماء، فتوضأ لهم وضوء النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فأكفأ على يده من التَّوْر، فغسل يديه ثلاثًا، ثم أدخل يده في التور، فمضمض، واستنشق، واستنثر ثلاث غرفات، ثم أدخل يده، فغسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل يديه مرتين إلى المرفقين، ثم أدخل يده، فمسح رأسه، فأقبل بهما وأدبر مرةً واحدةً، ثم غسل رجليه إلى الكعبين. انتهى.

وقوله: "ثم أدخل يده، فغسل وجهه" بَيَّن في هذه الرواية تجديد الاغتراف لكل عضو، وأنه اغترف بإحدى يديه، وكذا هو في باقي الروايات عند الشيخين وغيرهما، لكن وقع في رواية ابن عساكر، وأبي الوقت من طريق سليمان بن بلال عند البخاريّ: "ثم أدخل يديه بالتثنية"، وليس ذلك في رواية أبي ذرّ، ولا الأصيليّ، ولا في شيء من الروايات خارج "الصحيح"؛ قاله النوويّ.


(١) راجع "المصباح المنير" ٢/ ٥٨٠.
(٢) ١/ ٤٤٥ - ٤٤٧.
(٣) هو ابن إسماعيل التبوذكيّ - رحمه الله -.