للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٥ - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ، عن تابعيّ: أبي الزناد، عن الأعرج.

٦ - (ومنها): أن فيه قوله: (جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ)، فـ "جميعًا" منصوب على الحال، أي حال كون الشيوخ الثلاثة مجتمعين (١) في أخذهم عن ابن عيينة.

٧ - (ومنها): أن فيه قوله: (قَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) قد تقدّم أن هذا من احتياط الإمام مسلم - رحمه الله -، وشدّة عنايته بالتمييز بين ألفاظ الشيوخ المختلفة، وإن كان اختلافها لا يضرّ، وذلك أن شيوخه الثلاثة مختلفون في كيفيّة الأداء، فعمرو الناقد، وابن نُمير قالا: "عن ابن عيينة"، وأما قتيبة، فصرّح بالتحديث، وذكر شيخه باسمه، فقال: "حدّثنا سفيان"، وهذا الصنيع هو الذي امتاز به المصنّف، حتى على الإمام البخاريّ - رحمه الله -، فتنبّه لذلك، فإنه دقيق، وبالله تعالى التوفيق.

٨ - (ومنها): أن فيه قوله: (يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -) هذه الصيغة من جملة صيغ الأداء التي يستعملها المحدّثون، ومعنى "يبلغ به" أي يَصِل به إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ومثل ذلك "يرفعه"، و"يَنْمِيه"، و"روايةً"، و"يَرْويه"، وأمثال ذلك، وهو في حكم المرفوع بلا خلاف بين أهل العلم، كما صرّح به النوويّ، واقتضاه كلام ابن الصلاح، قال السخاويّ: ويدلّ لذلك مجيء بعض الْمَكنيّ به بالتصريح، ففي بعض الروايات لحديث: "الفِطْرة خمسٌ": "يبلغ به النبيّ - صلى الله عليه وسلم -"، وفي بعضها: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".

والسبب الحامل على عدول التابعيّ عن قول الصحابيّ: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونحوها إلى "يبلغ به"، أو "يرفعه"، أو "روايةً"، ونحوها مع تحقّقه بأن الصحابيّ رفعه إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كونه يشكّ في صيغة الرفع بعينها، هل هي "سمعتُ"، أو "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، أو "نبيّ الله"، أو نحوها؟ وهو ممن لا يَرَى الإبدال، أو طلبًا للتخفيف، أو شكّه في ثبوته، أو ورعه، حيث عَلِمَ أن المرويّ بالمعنى (٢)، والله تعالى أعلم.

٩ - (ومنها): أن أبا هريرة - رضي الله عنه - أحفظ من روى الحديث في دهره، كما سبق غير مرّة. والله تعالى أعلم.


(١) راجع "المصباح المنير" ١/ ١٠٩.
(٢) راجع شرحي المسمّى: "إسعاف ذوي الوطر في شرح ألفية الأثر" ١/ ١١٠ - ١١١.