للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بريح الأنف سواءٌ كان بإعانة يده أم لا. وحُكِي عن مالك كراهية فعله بغير اليد؛ لكونه يشبه فعل الدابة، والمشهور عدم الكراهة، وإذا استنثر بيده، فالمستحب أن يكون باليسرى، بَوَّبَ عليه النسائي، وأخرجه مقيدًا بها من حديث عليّ - رضي الله عنه - (١).

[تنبيه]: لم يَذكُر في هذه الرواية عددًا، وقد ورد في رواية سفيان، عن أبي الزناد، ولفظه: "وإذا استنثر، فليستنثر وترًا"، أخرجه الحميديّ في "مسنده" عنه، وأصله لمسلم، وفي رواية عيسى بن طلحة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - الآتية للمصنّف بعد ثلاثة أحاديث: "إذا استيقظ أحدكم من منامه، فليستنثر ثلاث مرّات، فإن الشيطان يبيت على خياشيمه"، أفاده في "الفتح" (٢).

وقال النوويّ رحمه اللهُ: ففيه دلالةٌ ظاهر على أن الاستنثار غير الاستنشاق، وأن الاستنثار هو إخراج الماء بعد الاستنشاق، مع ما في الأنف من مخاط وشبهه، وقد تقدَّم ذكر هذا، وفيه دلالة لمذهب مَن يقول: الاستنشاق واجب؛ لمطلق الأمر، ومن لم يوجبه حَمَل الأمر على الندب، بدليل أن المأمور به حقيقةً، وهو الانتثار ليس بواجب بالاتفاق، فإن قالوا: ففي الرواية الأخرى: "إذا توضأ فليستنشق بمنخريه من الماء، ثم لينثر"، فهذا فيه دلالة ظاهرة للوجوب، لكن حَمْلُه على الندب مُحْتَمِلٌ لِيُجْمَع بينه وبين الأدلة الدالة على الاستحباب. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: بل الأرجح وجوب الاستنشاق، والانتثار؛ لظاهر الأمر، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يُنقل عنه تركهما، وقد سبق أن الحقّ أن آية الوضوء مجملة، بيّنها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بفعله وقوله، فتبصّر، وسيأتي تمام البحث في هذا في "المسألة الرابعة - إن شاء الله تعالى - والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.


(١) "الفتح" ١/ ٣١٥.
(٢) "الفتح" ١/ ٣١٥.