أبي هريرة، ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، ومن حديث عبد الله بن الحارث بن جَزْء الزُّبيديّ، وقد ذكرتها كلّها في "التمهيد"، والحمد لله. انتهى (١).
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان أن واجب الرجلين غسلهما، لا مسحهما، إلا لمن لبس الخفّين.
٢ - (ومنها): بيان وجوب تعميم الرجلين بالغسل، فلو بقي شيء منهما لما سقط الوجوب.
٣ - (ومنها): أن العالم يستدلّ على ما يُفتي به؛ ليكون أوقع في نفس سامعه.
٤ - (ومنها): ما قاله النوويّ - رحمه الله -: ومراد مسلم - رحمه الله - بإيراده هنا الاستدلالُ به على وجوب غسل الرجلين، وأن المسح لا يجزئ، وهذه مسألة اختَلَف الناس فيها على مذاهب:
فذهب جمع من الفقهاء من أهل الفتوى في الأعصار والأمصار إلى أن الواجب غسل القدمين مع الكعبين، ولا يجزئ مسحهما، ولا يجب المسح مع الغسل، ولم يثبت خلاف هذا عن أحد يُعْتَدّ به في الإجماع.
وقالت الشيعة: الواجب مسحهما.
وقال محمد بن جرير، والجبائيّ، رأس المعتزلة: يتخير بين المسح والغسل.
وقال بعض أهل الظاهر: يجب الجمع بين المسح والغسل.
وتعلق هؤلاء المخالفون للجماهير بما لا تظهر فيه دلالةٌ، قال: ومن أخصر ما نذكره أن جميع مَن وصف وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مواطن مختلفة، وعلى صفات متعددة، متفقون على غسل الرجلين، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ويلٌ للأعقاب من النار"، فتواعدها بالنار؛ لعدم طهارتها، ولو كان المسح كافيًا لَمَا تواعد مَن ترك غسل عقبيه، وقد صَحَّ من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه - رضي الله عنه -