للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن رجلًا قال: يا رسول الله، كيف الطُّهُور؟ فدعا بماء، فغَسَل كفيه ثلاثًا إلى أن قال: ثم غسل رجليه ثلاثًا، ثم قال: "هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا، أو نقص، فقد أساء وظلم"، هذا حديثٌ صحيحٌ، أخرجه أبو داود وغيره بأسانيدهم الصحيحة، والله تعالى أعلم. انتهى (١).

وقال في "الفتح": قال ابن خزيمة: لو كان الماسح مُؤدّيًا للفروض لَمَا تُوُعِّد بالنار، وأشار بذلك إلى ما في كتب الخلاف عن الشيعة أن الواجب المسح أخذًا بظاهر قراءة: {وَأَرْجُلَكُمْ} بالخفض، وقد تواترت الأخبار عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في صفة وضوئه أنه غَسَلَ رجليه، وهو الْمُبَيِّن لأمر الله، وقد قال في حديث عمرو بن عَبَسَة الذي رواه ابن خزيمة وغيره مُطَوَّلًا في فضل الوضوء: "ثم يَغسِل قدميه كما أمره الله"، ولم يَثْبُت عن أحد من الصحابة خلافُ ذلك، إلا عن عليّ، وابن عباس، وأنس، - رضي الله عنهم -، وقد ثبت عنهم الرجوع عن ذلك، قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: أجمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على غسل القدمين، رواه سعيد بن منصور، وادَّعَى الطحاويّ، وابنُ حزم أن المسح منسوخ، والله تعالى أعلم. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قد استوفيتُ البحث في اختلاف العلماء في غسل الرجلين في المسألة الخامسة عشرة المذكورة في شرح حديث عثمان بن عفّان - رضي الله عنه -، وذكرت أن الحقّ والصواب هو مذهب الجمهور القائلين بوجوب الغسل، وأن المسح لا يُجزئ؛ لقوّة حججهم، فراجعها تستفد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال:

[٥٧٣] ( … ) - (وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ (٣)، أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللهِ مَوْلَى شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ حَدَّثَهُ، أنهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَذَكَرَ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِثْلِهِ).


(١) "شرح النوويّ" ٣/ ١٢٩.
(٢) "الفتح" ١/ ٣٢٠.
(٣) وفي نسخة: "حدّثنا عبد الله بن وهب".